توفي الاثنين محمد الطالبي، المؤرخ والمفكر التونسي، الذي حارب لعقود الظلامية الدينية، عن 95 عامًا، وفي الوقت عينه كان يرفض تشويه صورة الإسلام المتعمد من قبل الغرب وتعميم حالات شاذة على أتباع دين بكامله.
إيلاف - متابعة: ولد الطالبي العام 1921 في العاصمة التونسية، وتلقى علومه في المدرسة الصادقية العريقة في تونس، ثم في جامعة السوربون في باريس، وهو مجاز في اللغة العربية، ودكتور في مادة التاريخ، وكان احد مؤسسي الجامعة التونسية الحديثة.
حرية لا قيد
كما كان أول عميد لكلية الآداب في تونس العام 1955، وكتب هذا "المثقف الكبير" ثلاثين مؤلفًا ومئات المقالات بالعربية والفرنسية، وحازها العديد من الجوائز. واجه الطالبي المؤمن المتعمق لأاكثر من نصف قرن الأفكار المتطرفة والمنحرفة عن الإسلام، داعيًا بقوة إلى رؤية مبتكرة للفكر الإسلامي.
وكان أكد في مقال لصحيفة "لوموند" الفرنسية عام 2006 أن الشريعة "نتاج بشري"، و"لا علاقة لها" بالإسلام، بحسب رؤيته، معللًا بأن "الدين، أي دين، يجب ألا يكون قيدًا وإكراهًا"، مضيفًا "لن آمل تكرار القول إن الإسلام يمنحنا الحرية".
وشدد في مقابلة أجراها أخيرًا مع أسبوعية "جون أفريك" أن "القرآن هو الوحيد الذي يتضمن تلك العبارة البالغة الوضوح والعلمانية: لا إكراه في الدين".
معارض لبن علي
وفي حين حرص أثناء فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة (1957-1987) على الابتعاد عن السياسة، فإن محمد الطالبي عارض نظام الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011) حيث انضم في 1995 إلى "المجلس الوطني للحريات" المنظمة غير الحكومية الحقوقية.
نال المفكر الراحل أرفع الأوسمة الثقافيّة والفخرية من دول عديدة، بينها تونس وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا وألمانيا والسويد. وتولى رئاسة بيت الحكمة في قرطاج (المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون) عام 2011، وأسس الجمعية الدولية للمسلمين القرآنيين عام 2012.
مكافحة التشدد والإسلاموفوبيا
من آخر مؤلفاته عيال الله (1992) أمة الوسط (1996) مرافعة من أجل إسلام معاصر (1998) الإسلام: حرية وحوار (1999) كونية القرآن (2002) ليطمئن قلبي (2010) ديني الحريّة (2011).
عارض الطالبي بلا هوادة السلفية، التي يصفها بأنها "مناهصة للإسلام"، كما إنه تصدى بقوة "لخطر كراهية الإسلام التي تغذيها" بعض التيارات المسيحية. وقال في مقابلته مع جون أفريك "هؤلاء يرون أن الرسول محمد لم يأت إلا بأشياء سيئة ولا إنسانية".
السبسي راثيًا
وعبّر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن "بالغ التأثّر وعميق الأسى" لرحيل الطالبي، الذي وصفه بأنه "المفكّر الحر والمجتهد المجدّد والمصلح الجريء والمناضل الوطني الصلب من أجل الحريّة والإنسانيّة" الذي "تتلمذت على يديه أجيال تلو أجيال، والذي لم تثنه في الدفاع عن دينه وعلمه وشعبه وأفكاره، لومة لائم ولا شوكة حاكم".