: آخر تحديث
يُعتَبَر أحد كبار السينمائيين الإستفزازيين

تكريم المخرج الهولندي بول فيرهوفن في مراكش

282
269
275

"إيلاف المغرب" من مراكش: شكّل تكريم المخرج الهولندي بول فيرهوفن(Paul Verhoeven) مساء الإثنين ضمن فعاليات الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم في مراكش، فرصةً للوقوف على عوالم هذا المخرج الذي اشتهر بأفلام تنقل لعالم يتداخل فيه "الجنس والعنف"، خاصة حين يتم استحضار فيلم "غريزة أساسية" (The basic instinct1992) مع النجمة شارون ستون، و"توتال ريكال" (Total recall1990) مع المثل أرنولد شوارزينيغير، و"روبوكوب"(Robocop1987) مع الممثل كيرتوود سميث.


ولقد قدّم درساً في السينما، في يوم تكريمه نفسه في مراكش، ضمن فقرة "ماستر كلاس"(Master class)، بسط فيه قناعاته الفنية وعلاقته بعدد من الممثلين، خاصة النجمة الفرنسية إيزابيل هوبير، التي أدت دور البطولة في فيلمه "هي"(She -2016). كما تضمن برنامج المخرج الهولندي في المهرجان المغربي عرض أربعة من أفلامه: "هي" خارج المسابقة، و"الكتاب الأسود" (2006) و"توتال ريكال" (1990)، فضلاً عن "روبوكوب" (1987) ضمن عروض ساحة جامع الفنا.

حرية وموهبة
تحدث "فيرهوفن،" بلحظة تكريمه، عن علاقته بالمغرب، التي تعود إلى أكثر من 20 سنة، حين كان بصدد الإعداد لفيلم، برفقة الممثل أرنولد شوارزينيغير، قبل أن يتوقف المشروع بعد إعلان إفلاس الشركة المنتجة. فيما قالت الممثلة الفرنسية إيزابيل هوبير، وهي تسلمه درع التكريم، إن المخرج الهولندي واسع الخيال، وأنه يسير على عكس الأفكار المسبقة، ولذلك ظلت تخرج مواضيعه عن المألوف، مشيرة إلى تمتعه بـ"حرية واستقلالية وموهبة وتميّز، ضرورية في مجال العمل السينمائي".

نبذة
ولد فيرهوفن في أمستردام في هولندا. وانطلق، في تجربته السينمائية، في بداية الستينيات، حيث أخرج عدداً من الأفلام القصيرة، وفيلما وثائقياً بعنوان "سلاح مشاة البحرية" (1965)، قبل أن ينخرط في تجربة الأفلام الطويلة، فأخرج "ملذات تركية" (1973) و"كاتي تيبل" (1975) و"جندي البرتقال" (1977) و"سبيتيرس" (1980)، ثم "الرجل الرابع" (1983) و"اللحم والدم" (1985). وأتبعها بأفلام "روبوكوب" و"توتال ريكال"، قبل أن "يصدم العالم" بفيلم "غريزة أساسية" (1992)، وأتبعه بـ"فتيات العرض" (1995) ثم "جنود المركبة الفضائية" (1997) و"رجل بلا ظل" (2000) و"الكتاب الأسود" (2006)، وأخيرا "هي"، من بطولة النجمة هوبير.

المال يحكم 
يتحدث "فيرهوفن" مراراً عن التجارب التي تأثر بها، ومن ذلك تأثره الكبير بـ"هيتشكوك"، خاصة فيلم "فيرتيجو"، وهو ما يمكن ملامسته في فيلم "غريزة أساسية"، وفي غيره من أفلامه، خاصة "هي". يقول: "إننا نحتفظ لأنفسنا بما نشاهد من دون أن نعرف ما إذا كان سيلهمنا، فنجد أنفسنا، أحياناً، نتبنى حلولاً تذهب في اتجاه الأفلام التي سبق أن رأيناها". كما تحدث عن مساره في هوليوود، فقال: "لم تكن لدي رغبة في هذا الاتجاه. كنت أود البقاء في هولندا، كنت أشعر بانجذاب أكبر لانغمار بيرغمان وفيديريكو فيليني أكثر من السينما الأميركية. لكني كنت أجد صعوبة كبيرة لتمويل أعمالي في هولندا. ذهبنا بسبب "روبوكوب". تركنا منزلنا في هولندا. قلنا إننا "سنقوم بذلك على سبيل التجريب، سنبقى هناك إن سارت الأمور بشكل جيد، أو سنعود إن حدث العكس". لقي الفيلم نجاحاً كبيراً، فبقيت هناك. في الولايات المتحدة، مادامت الأفلام تلقى النجاح، فأنت حر. المال هو الذي يحكم، بينما تبدأ المشاكل عندما يفشل الفيلم".

روبوكوب
يتذكر فيرهوفن فترة شبابه، فيقول: "عندما كنت شاباً، كانت لدي بعض المشاريع؛ كأن أنجز فيلماً عن الإسكندر الأكبر، لكن أوليفر ستون قام بذلك، أو ربما فيلماً عن المسيح، مسيح غير عادي إلى حد ما. بالنسبة لإخراج فيلم عن الإسكندر الأكبر، كان لابد من تمويل أميركي لأنه سيكلف ما بين 150 و200 مليون دولار. تصوير فيلم عن المسيح قد يكون صعباً في هولندا، لكنه ممكن في فرنسا. لذلك لم أحاول بشكل جدي. انتقلت من مشروع إلى آخر، كما لو كان الأمر محتوماً. أخرجت "روبوكوب" لأن الفيلم يتحدث عن الصَّلب ويوم البعث والجنة المفقودة. فالجنة المفقودة هي عائلته، والصلب هو عندما قتل بطريقة وحشية، وأخيراً، يُبعث عندما تتم إعادة برمجته من جديد. لم أنجز الفيلم من أجل مشاهد الحركية، كان لزاماً علي القيام بهذا النوع من الأعمال".

إيزابيل هوبير
يحرص فيرهوفن على أن تكون إدارته للممثلين وفية لروح العمل الراقي، لذلك قال متحدثاً عن بطلة فيلمه "She": "عملتُ أخيرا مع إيزابيل هوبير. معها، كنت أترك عملية تصوير لقطة معينة بينما ندخل في المشهد الموالي، وكانت تستمر في الأداء، وعندما كانت تتوقف، ندرك أننا صورنا المشهد الموالي. لكن عندما لا يكون لديك ممثلون في مستوى جيد كما في هذه الحالة، يجب القيام بالمونتاج من خلال لقطات مختلفة. يجب أن يكون لديك موضب ممتاز يعرف كيف يختار الأفضل من بين 20 لقطة تم تصويرها".

الجنس، العنف والدين
يقول فيرهوفن عن علاقته بالدين، في ما بين الجنس والعنف: "لم أكن بحاجة لأكون مؤمناً لقبول الدين كجزء من المجتمع أو من تفكيرنا أو تأثيراتنا. من المؤكد أنه يلعب دوراً مهما. من المنطقي أن تكون العناصر الثلاثة الأكثر أهمية في الحياة هي الجنس والعنف والدين".

غريزة أساسية The Basic instinct
يستعيد فيرهوفن علاقته بكل ما يحيط بإنتاج فيلم سينمائي، قبل أن يتوقف عند التجربة الأميركية، حيث قال: "إذا مُنحت سيناريو بنهاية سيئة سأنجزه، لن يكون الأمر مزعجاً بالنسبة لي. إن السيناريو هو عبارة عن شهادة، وعندما لا نشارك في كتابته فإن علينا أن نقبله كما هو. لم يكن علي بذل جهد كبير. فيلم "فيرتيجو"، على سبيل المثال، وهو، بالمناسبة، أحد أفلامي المفضلة، يصور مأساة حقيقية، أنتجته هوليوود. هذا الأمر صعب التحقق الآن. في فترة سابقة، كانت الأفلام المأسوية عادية ومحبوبة في الولايات المتحدة. ليس الأمر كذلك اليوم. في هوليوود، هناك نظام لتصنيف الأفلام، فجمعية الفيلم الأميركي لتقييم الأفلام هي التي تقرر في تصنيف الفيلم، هل هو من صنف (أر) أو (بي جي 13)، بمعني أنه مقبول، أو (إن سي 17)، أي أنه ليس جيداً. فالاستوديوهات تفضل إنتاج أفلام من تصنيف (بي جي) أو (بي جي 13)، التي يطلبها الجمهور على نطاق واسع. ويتم توقيع عقد مع الاستوديو لتقديم فيلم من تصنيف (أر). جميع أفلامي مصنفة في فئة (أر). ويعود السبب أكثر إلى الجنس منه إلى العنف. يكتسي الجنس خطورة بالغة في الولايات المتحدة حسب رأيهم. هذا يمنع القيام بأشياء معينة، في الواقع يمكننا القيام بذلك، لكن علينا إزالتها في المونتاج. إذا قارنا نسخة "غريزة أساسية" الموزعة في فرنسا مع تلك التي وزعت في الولايات المتحدة، سنلاحظ أن المشاهد أقصر في نسخة الولايات المتحدة، وأن هناك لقطات مقربة تم بترها. في هولندا، كنت أفعل ما أريد. في فيلم "هي"، فعلت كل ما كنت أريد فعله".

بين المتخيل والمزيف
يرى عدد من النقاد أن فيرهوفن قد نقل إلى هوليوود فن تشكيل الجسد المتخيَّل بدل الجسد المزيف، ليحدث مواجهة بين هذين المفهومين مع الجسد الحقيقي، حيث تتجلى سلطته في ما يصدره من نزوات. أجساد تعاني وتتلذذ، تجر الإنسان إلى واقع وظائفه، فينظر إلى النزوة على أنها الإمكانية السينمائية التي تحقق ذلك، والإخراج الذي يخادع من لا يرى الحقيقة العضوية.

وإذا كانت سينما فيرهوفن، حسب جون فرانسوا روجي، مثلا، هي بمثابة مجموعة من الأفلام التي تمثل الجسد، فإن هذا الأخير يتم اختزاله في مجال الإدراك ليصبح "آلية تخضع لمختلف القوانين الفيزيولوجية، حيث الجسد المتناسق كما تصوره الدعاية الحربية والإعلانات التجارية والأفلام الإباحية، والعلاقة بين هذه المفاهيم الثلاثة، تشكل الموضوع الرئيس لما يهدم بعمق مفهوم النوع، فيصبح العنف المؤذي، في بعض الأحيان، عنفاً متمرداً في أوضح معاني الكلمة. من الفن التشكيلي الهولندي، يرسم فيرهوفن ذلك الشكل من الغرور؛ جماجم وأجسام وهياكل تبرز، في بعض الأحيان، لتتحول إلى كمامات فظيعة، وتعيد الجسد إلى مآله المحتوم. إن ما يستهويه، بالأساس، هو مسألة تجسيد ما من شأنه أن يقدم، في الآن نفسه، وبنوع من الإضطراب، الجانب الصوفي والجانب الجمالي".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات