خرجت إحدى القنوات الإسرائيلية بتأكيدات صحفية حول لقاء سري عُقد بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وتوني بلير؛ المدفوع من الولايات المتحدة الأميركية للعمل على حل مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة. توني بلير، وفق التأكيدات الصحفية، يحرص بدعم من دول عربية لاتفاق مع بنيامين نتنياهو يُسمح بموجبه إدخال عناصر السلطة الفلسطينية لتتولى مهام الأمن والخدمات الحياتية اليومية في بعض المناطق داخل قطاع غزة، بعد ثبوت مساق السلطة إصلاحي، ومتفق عليه أميركيًا أوروبيًا وعربيًا.
نتنياهو وأقطاب حكومته لم يُغلقوا الباب في وجه مسعى بلير بعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، إدراكًا منهم بأن طلب بلير يقف خلفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ المحكوم بإصرار سعودي يشترط التعاون في اليوم التالي في غزة، والتقدم في مسار التطبيع بعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وتحديد مسار بسقف زمني معلوم لتحقيق حل الدولتين.
بالنظر إلى مواقف بنيامين نتنياهو، والتي باتت محكومة براغماتية مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، فهو لا يملك إلا ورقة استمرار وقوف الرئيس ترامب إلى جانبه وجانب حزبه في الانتقال إلى مرحلة التطبيع بعد جولة الحروب التي خاضها خلال العامين السابقين، خاصة بعد تقديمه طلب العفو للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وبدء التحضير لزيارة مرتقبة، بعد أسابيع معدودة، للقاء سيد البيت الأبيض، التي ستأتي بمثابة تتويج لنتنياهو كسياسي رقم واحد في تل أبيب في هذا التوقيت، كون المعارضة الإسرائيلية تفتقر لغاية هذا اليوم لوجود شخصية سياسية كاريزمية قادرة على إزاحة نتنياهو عن رأس الحكومة.
المجتمع الدولي (الأميركي – الأوروبي – العربي) لن يسمح بوجود حركة حماس داخل قطاع غزة، ولن يُتيح لنتنياهو وائتلافه اليميني بإعادة مقاربات سياسية قائمة سابقًا على دعم الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني من خلال الإبقاء على حكم ميليشيات مسلحة، كما جرى قبل السابع من أكتوبر العام 2023.
في المقابل، بدأت أصوات داخل حركة حماس تستجدي المصالحة مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح، يقينًا منها بأنها طوق النجاة الوحيد لها، الذي سيُبقيها على الساحة السياسية الفلسطينية، بعد تضارب مصالح تياراتها المبعثرة بين الانفصال عن أجندات المحور الإيراني والانتقال إلى المخططات التركية الذاهبة إلى إيجاد توازن استراتيجي لها بين ساحتين: سوريا وغزة.
الشرق الأوسط الجديد الذي بشّر به بنيامين نتنياهو بعد أيام من السابع من أكتوبر، تحقق بإنهاء سطوة المحور الإيراني في عواصم عربية، وإسقاط حكم حركة حماس في قطاع غزة، لكن بالوقت ذاته لن يستطيع تجاوز رؤى دول عربية وازنة وضعت استقرار المنطقة أولوية قصوى على جدول أعمال المجتمع الدولي.


