يمكن التوقع أو التنبؤ إن الكويت ستواجه حملة إعلامية ضدها أو ستخوض معركة غير متكافئة مع الإعلام الغربي نتيجة تقارير دولية عن السياسات الخاصة بسحب الجناسي وفقدها بسبب "التزوير"، وسحب جناسي مواطنات المادة الثامنة، والديمقراطية أيضاً!
مؤشرات إعلامية وسياسية دولية تقود إلى استنتاجات لا يمكن الجزم في مدى حيادها أو تجنيها، لكنها تدل على أن الكويت ستكون أمام ضوء إعلامي دولي قد يحفز الاهتمام الغربي بالتطورات السياسية في الكويت عن الهوية الوطنية، والديمقراطية.
العالم الغربي له مفاهيم مختلفة عن الكويت وغيرها من بلدان العالم الثالث بالنسبة للحريات والهوية الوطنية، والجنسية، فعملية التجنيس Naturalization لها قوانين تتعلق بحقوق الإنسان واللجوء السياسي والحريات على خلاف الوضع في العالم العربي.
تغيرت الإجراءات والقوانين في أمريكا وبريطانيا وأوروبا بالنسبة للجوء السياسي والتجنيس والإقامة الدائمة، وأصبحت أكثر صرامة من قبل، في حين ظلت المبادئ ثابتة تجاه حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية ذات الصلة.
مثلا، حكم قضائي مستعجل في بريطانيا جمد قرار وزارة الداخلية بترحيل مواطن من دولة أخرى بحجة عدم استكماله لإجراءات اللجوء السياسي، وفي نفس الدولة سحبت الجنسية من مواطنة من أصل أسيوي انظمت إلى تنظيم إرهابي بموجب حكم قضائي نهائي.
لم تقم القيامة الإعلامية في بريطانيا أو خارجها والعالم الغربي حين دخلت تعديلات على القوانين والسياسات حيز التنفيذ بشأن اللجوء السياسي لصالح المصلحة القومية والمستقبل الاقتصادي!
طبعا تأزم العلاقة بين الكويت والإعلام الغربي، ليس جديداً، مع الفارق الزمني لتاريخ تعليق الدستور في السبعينات والثمانينات والتزوير في الستينات، لكن المجتمع الدولي ما زال يستحضر الموقف الغربي ضد الغزو العراقي للكويت ونظامها الديمقراطي الدستوري.
مؤشرات عدة قد تختلط مع بعضها كالديمقراطية والهوية الوطنية وحقوق الإنسان في آن واحد، وقد تشعل المستجدات الأخيرة نيران إعلامية غير صديقة ضد الكويت بالمرحلة الراهنة وخصوصا في ضوء معلومات مغلوطة عن ملف "البدون".
الصورة ليست واضحة عن "البدون" بالكويت إلى درجة رواج إعلامي لمصطلح مغلوط تحت غطاء "كويتيون بدون"، بسبب تقاعس الجهات المعنية في تعزيز التواصل مع الإعلام الغربي، والمنظمات الحقوقية، لتوضيح حقيقة الوضع وتعقيداته وطبيعة تلك الملفات وظروفها بلغات العالم.
شرح الامتيازات الممنوحة لفئة "البدون" تتساوى في الواقع مع حقوق المواطنين إلى حد معقول، لكنها حقيقة مغيبة من الإعلام الرسمي الكويتي!
الموضوع ليس ملف "البدون" حتى لا تختلط الأوراق والملفات بهذا المقام.
الأمر الجديد الذي نشهده في الكويت وخارجها هو تعمق الفجوة بين الإعلام الرسمي والإعلام الغربي، ومنظمات حقوق الإنسان، وثقوب في ثوب المعلومات الصحيحة عن الكويت، وضبابية ظروف إيصال رسالة الدولة بلغات العالم، وموقفها من دون اجتزاء أو تأويل للمقاصد.
طبعا فرص الحياد والتفاهم مع الإعلام الغربي قد تكون صعبة ورحلة وعرة، لكن من الممكن سد الفراغ ومعالجة الأمور من خلال مبادرات التواصل الجماهيري، ومناقشة علنية للمعاهدات والاتفاقيات الدولية وما ينشر من مزاعم عن مخالفة الكويت للقانون الدولي!
بلغة برغماتية، يمكن استنتاج إخفاق الخطاب الإعلامي الكويتي إن لم يكن غير موجود نهائيا في الساحة الإعلامية الغربية، وتقاعس الإعلام الرسمي في التناغم مع السياسات الحكومية وخصوصا بشأن الجنسية والهوية الوطنية والديمقراطية أيضاً.
الحقيقة الثابتة تكمن في غياب العمل المؤسسي الإعلامي، وتنصل وزارة الإعلام من مسؤولياتها وغياب الرسالة الإعلامية نيابة عن مجلس الوزراء، وتحليل إعلامي وسياسي علمي وواقعي لمصادر التقارير الغربية وظروفها واسبابها وتحديد مكامن الخمول والتقصير في الإعلام الرسمي الكويتي.
اليوم لا يمكن كسب الإعلام الغربي بالكامل، لكن يمكن تحييده من خلال التواصل بصورة مباشرة وغير مباشرة، والصورة المباشرة تحتم التعليق والرد على ما ينشر بديناميكية مهنية واحتراف إعلامي من دون انتظار اجتزاء النصوص من سياقاتها واقتلاع الحقيقة من جذروها.
من حق الإعلام الغربي نشر آراء مختلفة عن الكويت لطالما ليس هناك رسالة إعلامية كويتية، ونضوج زمني وواقعي في التعامل مع التحديات الجديدة لمعالجة المعضلة الإعلامية الحديثة والخروج منها تحت سقف مهني عادل ومنصف.
*إعلامي كويتي