باريس : مع تشكيلة متوازنة، صانع الألعاب الإيطالي ماركو فيراتي من مجرّة أخرى، والهدف الأوّل للأرجنتيني ليونيل ميسي بقميص فريقه الجديد، نجح باريس سان جرمان الفرنسي في الخروج من ملعبه "بارك دي برانس" بنتيجة مرضية أمام وصيف بطل مسابقة دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي مانشستر سيتي الإنكليزي (2-صفر)، في أمسية ساهمت في إعادة بناء نادي العاصمة.
فيراتي من مجرة أخرى
عن فيراتي، من الأفضل أن نترك الكلام لمنافسيه الذين يجيدون مدحه، حيث كال مدرّب سيتي الإسباني بيب غوارديولا الثناء لصانع اللّعب، قائلاً مع ابتسامة على محيّاه "أنا عاشق له!".
وتابع "يعرف كيف يلعب تحت الضغط، ويملك الهدوء اللّازم من أجل القيام بلمسة إضافية، بهدف إيجاد (رفاقه) في ظهر لاعبينا في الوسط. ليس ضخم البنية، لكنّه يعرف كيف يخلق المساحات ولا يحتاج للعب كرات طويلة. يملك الشخصية والطّباع، أنا سعيد لعودته من الإصابة".
أبعدته إصابة في الركبة، تعرّض لها مع منتخب بلاده، عن الملاعب لفترة شهر، لكن المكنّى بالـ "بومة الصغيرة" عاد إلى المستطيل الأخضر ليُهندس فوز فريقه الثلاثاء ضمن الجولة الثانية من المنافسات.
لم ينسَ مدرّب سان جرمان الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو أن يُثني على بقية لاعبي الوسط أمثال السنغالي إدريسا غانا غي الذي افتتح التسجيل بتسديدة ساحرة في الزاوية العليا والإسباني إندر هيريرا.
هؤلاء الثلاثة "منحوا التوازن لخط الوسط"، وهو التوازن الذي يبحث عنه المدرّب الأرجنتيني.
التوازن
في وقت يكون الفريق تحت ضغط منافسه ويعاني من الهجمات، تستمر الأعمال، فالمدرّب "بوكي" يردّد على مسمع الجميع أنّ "فريقه في طور البناء"، خصوصاً أمام عمل جماعي حيك "من تحت يدي بيب، أفضل مدرّب في العالم بالنسبة لي، منذ أعوام طويلة" كما يقول الأرجنتيني.
ولكن، خلال أمسية الثلاثاء كان بإمكان بوكيتينو أن يكون فخوراً بما قدّمه، لذا هنّأ نفسه قائلاً "يساعد الفوز على وضع النقاط الإيجابيّة في المقدّمة".
وتابع أنّ هذا الفوز الذي يفرض الإحترام "منحنا قاعدة أوسع من أجل متابعة العمل والتطوّر. كل شيء بات أسهل لتقبّله وهذا يساعد الأجواء".
رأت صحيفة "ليكيب" الرياضيّة المتخصّصة "فريقًا موهوباً ومتّحداً، شجاعاً ومقداماً، تمسّك بفوزه مثل (تمسّك) مخالب الهررة بفريستها"، فريقاً "لعب وكأنه في حلم".
هدف أوّل لميسي
"شكرًا ميسي!" عنونت صحيفة "لو باريزيان"، مثنية على "لمحة عبقرية" في الهدف الأوّل للأرجنتيني منذ قدومه هذا الصيف إلى باريس عقب رحيله الصاعق عن برشلونة الإسباني.
العقبري ليو لم يلمس الكثير من الكرات كما يعشق حيث انحنى فريقه أمام استحواذ منافسه سيتي على الكرة، ولكنّه سجّل هدفاً بأسلوبه الساحر، بتسديدة من القدم اليسرى بعد هجمة مرتدّة سريعة، وبفضل لمسة جميلة بكعب قدم المهاجم كيليان مبابي.
لا شكّ أنّ هذه التمريرة الحاسمة ستساعد في تطوّر العلاقة بين الثلاثي المرعب "أم أن أم" (ميسي نيمار مبابي) الذي ما زال يكتشف نفسه، لأن البرازيلي والفرنسي أمضيا في سان جرمان 4 أعوام معاً، وهي المدة ذاتها التي أمضاها "راقص السامبا" مع "راقص التانغو" في برشلونة الإسباني قبل رحيل نيمار إلى نادي العاصمة الباريسية في 2017 مقابل صفقة قياسيّة بلغت 222 مليون يورو.
اعترف ميسي لقناة "كانال بلوس" قائلاً "شيئاً فشيئاً أتأقلم وأدخل ضمن أجواء الفريق"، مضيفاً ""مع تقدّمنا، نبدأ في التعرّف على بعضنا البعض واللّعب معاً. أنا واثق أنّنا سنتطوّر".
عكست صحيفة "ليكيب" ما يعيشه "البرغوث" الصغير، فعنونت على صفحتها الأولى "تحرّر"، مع صورة لميسي تظهره وهو يفتح ذراعيه، في إشارة إلى تحرّر ميسي منفرداً من الضغوطات وإلى اللّعب الجماعي للفريق الباريسي.
حيا بوكيتينو هدف مواطنه وطالب بالقليل من الصبر لأنّ "لاعبين مثل ميسي يحتاجون أن يشعروا بهزّ الشباك، أنا سعيد جداً له"، وختم "هي المرّة الأولى التي يغادر فيها منذ 20 عاماً، فقد أمضى طوال حياته في برشلونة، عليه أن يتأقلم".
دوناروما غير ملموس
وأخيراً، حقّق سان جرمان نتيجة جيدة مع حارس عملاق: الإيطالي جانلويجي دوناروما في أوّل مباراة له في المسابقة القارية الأم لم ينجح سوى بصدّة عملاقة واحدة من رأسية للبرتغالي روبن دياش، لكنّه بدا غير ملموس وأظهر صفاءً مثالياً في تدخّلات أخرى أقل صعوبة.
في المرّتين الوحيدتين اللّتين شعر بأنّه تم التغلّب على أفضل لاعب في النسخة الأخيرة من كأس أوروبا والمتوّج باللّقب مع منتخب بلاده، نابت عنه العارضة في كلتيهما. لقد كان النجاح حليفه وإلى جانبه في تلك الأمسية.
أقفل "جيجو" جميع الزوايا وأدخل اليأس إلى قلوب "سيتيزنس"، لذا حيّت صحيفة "غازيتا ديلو سبورت" ابنها البار قائلة "من أجل الفوز في مباريات بهذا التوازن، يجب أن يقف بين الخشبات الثلاث حارس برأس باردة مثل جيجي" وإنّ البطل الإيطالي "بنى حائطاً في بداياته في دوري الأبطال".
يبدو واضحاً أنّ فترة المنافسة وتبادل المراكز مع نظيره الكوستاريكي كيلور نافاس ستدوم لفترة طويلة، حيث يتوجّب على بوكيتينو أن يتعامل مع الـ "أنا" والأنانية للحارسين الكبيرين، ولكن نظراً للصفات التي يتمتّعان بها، تنتظر المدرّب الأرجنتيني قرارات صعبة.