: آخر تحديث

في ذكرى مقتل سليماني.. النظام الإيراني ينظم مسيرة والشعب يحرق ملصقاته وتماثيله!

30
31
22

انتهت الدعاية الصاخبة للنظام الإيراني في ذكرى مقتل قاسم سليماني نهاية لاتروق للنظام، في حين أن الثيوقراطية الحاكمة بذلت جهداً كبيراً لتعبئة قواها المحبطة وسط الانتفاضة المستمرة، أدت الدعاية على الفور إلى نتائج عكسية.

وقد بدأت هذه الحملة الدعائية في 27 ديسمبر/ كانون الأول خلال مسيرة نظمتها الدولة من أجل دفن رفاة العشرات من الجنود الذين يُزعم أنهم قتلوا خلال الحرب العراقية الإيرانية التي انتهت في عام 1988.

وابتداءً مِن 27 كانون الأول (ديسمبر) ولغاية 7 كانون الثاني (يناير)، استمرّت الماكنة الدعائية التابعة لنظام الملالي في مدح سليماني والتغنّي بسيرته الذاتية، في محاولة لتصويره على أنه بطل قومي.

ومعروفٌ أن سليماني كان قائداً لفيلق القدس خارج الحدود الإقليمية، لقد كان مجرم حرب على مستوى العالم، أشرف على إرهاب النظام المنتشر في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم.

إن تواجده في سوريا والقسوة والوحشية التي أظهرها في قتل المدنيين السوريين الأبرياء أضافت المزيد من الفضائح الى تاريخه المخزي وسمعته السيئة، وبات يُلقب بـ "قاتل الأطفال".

لقد لعب دوراً أساسياً في قمع الانتفاضات في جميع أنحاء إيران، وكان العقل المدبر لهجمات النظام الإرهابية ضد جماعة المعارضة الرئيسية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، خاصة عندما كانوا في معسكر أشرف ومعسكر الحرية (ليبرتي) في العراق.

وكان لحملة الدعاية الإيرانية التي تتغنى بسليماني عدة أهداف: أولاً، بدأ النظام سلسلة من المسيرات المدبرة لمواجهة الاحتجاجات بينما أعلن الانتصار على الثورة الشعبية الجارية، قال رئيس النظام إبراهيم رئيسي في 27 كانون الأول (ديسمبر)، مخاطباً المشاركين في المسرحية الهزيلة التي كان يراد لها أن تكون (مسيرة جماهيرية لتأبين سليماني) : "لحسن الحظ، انتهت أعمال الشغب بسبب جهود الناس وقواتنا الأمنية المتفانية".

ونقلت وكالة تسنيم الحكومية للأنباء عن حسين سلامي، القائد العام لحرس الملالي، قوله في 27 ديسمبر / كانون الأول : "استخدم العدو كامل إمكاناته وحشد قواته المدربة لكنه فشل فشلاً ذريعاً".

وكان الهدف الثاني للنظام من هذه الحملة الفاشلة هو تصوير سليماني كرمز للسلطة والوحدة، في محاولة لرفع الروح المعنوية لقوات الأمن المحبطة.

كان هذا بالفعل هدفاً متناقضاً، حيث قُتل ما يسمى بـ "رمز القوة"، والذي أشاد به نقاد النظام أيضًا باعتباره "قائد الظل العظيم"، خلال هجوم بطائرة أمريكية بدون طيار في عام 2020 بالقرب من مطار بغداد، إلى جانب ذلك، فإن النعي اللامتناهي الذي نشرته وسائل الإعلام الحكومية، مسلطةً الضوء على أن "سليماني" كان شخصية لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للمرشد الأعلى علي خامنئي، تشير أيضًا إلى فشل طهران في خلق شخصية ذات سلطة من نفس العيار!

وفوق كل شيء، وجهت ردة فعل الشعب الإيراني على ذكرى مقتل سليماني الضربة الأخيرة، لكنها الأقسى لحملة الدعاية للنظام، حيث أضرم الشباب الثائرون النيران في المئات من صور ولافتات سليماني، إلى جانب العشرات من تماثيله في جميع أنحاء إيران.

لقد اتبعوا خطى "وحدات المقاومة" التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، الذين نفذوا عمليات مماثلة في السنوات الأخيرة، إذ شارك المزيد من الشباب الأحرار الشجعان في هذه الإجراءات الجريئة التي تعبر عن تحدّي أسلوب الترهيب الذي تستخدمه شبكة الأمن الواسعة للنظام ضد المجتمع.

علاوة على ذلك، سخر مستخدمو الإنترنت الإيرانيون من سليماني وابتكروا النكات عن رجل خامنئي الفاسد باسم "كتلت". (كستلاتة هي شريحة من اللحم المفروم)، وهذه تشبه طريقة الشباب العراقيين الثوار الذين يطلقون على سليماني تسمية (شيش كباب) من باب السخرية والابتهاج بمقتل هذا الإرهابي والعثور على جثته متفحّمةً بنيران القصف الأمريكي، فهو تسبب بأذى كبير للعراقيين أيضاً، الى جانب السوريين واللبنانيين واليمنيين وأغلب شعوب المنطقة.

جاءت ردود الفعل هذه فيما يتباهى قائد حرس الملالي (سلامي) في 7 كانون الثاني (يناير) بأن "العدو حاول التأثير على شبابنا، لكن في الأيام العشرة الماضية فشلت كل هذه الجهود حيث شاهدَ العدو تكريم الشباب للشهيد سليماني".

ولكن على أرض الواقع حصل العكس من ذلك، إذ احتل إحراق صور وملصقات سليماني عدداً لا يحصى من عناوين الصحف، مما يؤكد مرة أخرى للعالم الخارجي أن الشعب الإيراني على خلاف مع النظام وكل مَن يُمثله.

لقد كان الهدف الرئيسي لنظام الملالي هو إعلان النصر المزعوم على ما يعتبره مسؤولوه "أعمال شغب" ويعتبره المراقبون المستقلون والخبراء "ثورة". ولتحقيق انتصاره، قام (نظام الإبادة) بإعدام اثنين من المتظاهرين المعتقلين، هما الشابين محمد مهدي كرمي ومحمد حسيني، في 7 كانون الثاني (يناير)، واستبدل رئيس جهاز أمن الدولة بأحد أتباعه المعروفين بشراستهم، وهو الجزّار أحمد رضا رادان.

ومع ذلك، جاءت خطة الملالي بنتائج عكسية، حيث خرج الناس إلى الشوارع للتنديد بعمليات الإعدام الوحشية هذه.

لقد أصبح فشل النظام أكثر وضوحاً في فجر 8 يناير، عندما احتشد الشباب الغاضبون أمام سجن كوهردشت لمنع الإعدام الوشيك لمحتجّين آخرين، هما محمد قبادلو ومحمد بروغني.

واستمرت هذه التظاهرة حتى صباح يوم الاثنين أمام السجن الذي شهد معظم الإعدامات السياسية في العقود الماضية، مما جعله رمزاً آخر للقمع شبيهاً بسجن الباستيل التاريخي في فرنسا.

وردد المتظاهرون هتافات مثل "هذه الرسالة الاخيرة .. إذا أعدمت، فستحدث انتفاضة"، "سأقتل من قتل أخي"، و "مع كل شهيد يسقط، سينتفض الآلاف".

باختصار، فشلت حملة طهران المُكلِفة بمناسبة ذكرى مقتل سليماني، وفي الواقع، تسببت في تنامي الكراهية العامة للنظام.

ردة فعل الشعب الإيراني رغم قمع النظام أكدت مرة أخرى على عزم الشعب على تحقيق الحرية والديمقراطية. يجب أن يعترف المجتمع الدولي بهذا الحق، وبخلاف ذلك، فإن أي تقصير في التعامل بحزم مع النظام لن يؤدي إلا إلى تشجيعه على الاستمرار في موجة القتل التي يمارسها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في