: آخر تحديث

المال.. الوطن والزوج

26
24
19
مواضيع ذات صلة

أي علاقة يمكن أن تكون مشوبة بالصدق ما بين الزوج وزوجته؟ وأي حرية هذه التي نفهم منها أن هذه العلاقة المجبول بالحب أفل بريقها مع مرور الوقت و اللجوء بالتالي إلى اختلاق الحواجز من قبل الزوجة لجهة استمرارها، أو الامتثال لها، و جعلها تترك أثراً ما مع مرور الوقت؟

لا شك أنَّ العلاقة الزوجية في ظاهرها، وأمام الناس، تظل قائمة في إطارها العام، ولكن في جوهرها أوهن من بيت العنكبوت. علاقة آنية يعلوها الكثير من الغبار الذي بحاجة للإزالة حتى تصير متأملة لغد نريده زاهياً برّاقاً. علاقة صادقة لا لبس فيها.

لماذا نأخذ بالأعذار ونبرر لأنفسنا الكثير من الصور التي نشاهدها أمامنا، أو تلك التي تسلق في الخفاء والخاسر بالنتيجة الزوجان، لا سيما أنهما يعرفان حقيقة العلاقة في ما بينهما.. فلماذا يلجآن إلى خداع بعضهما البعض!.
أمر مستغرب تلك العلاقة التي تأخذ بعداً يشتمل على ألوان متعددة من الحيل والخداع، فلماذا وصلت الأحوال إلى هذه النهايات، وكثير من المواقف التي صارت واضحة للجميع وإخفاؤها يستثير الكثير منهم؟.

الصورة صارت شاهد عيان، وتبرير المواقف لم يعد يحتاج إلى حراك ما. فلماذا تلجأ الزوجة إلى خداع زوجها في تأدية دورها، وتحاول أن تجد المبرر لتفلت من السؤال، أو التذكير بدورها، وكيف يمكنها التعامل مع زوجها؟ فضلاً عن تهميشه وإذلاله. وهو بحاجة إلى لفتة حنان، وعلاقة يسودها الإخلاص والحب الصادق. الحب وإن كان من طرف واحد إلّا أنه يولّد بذور من الفرح والراحة لعلاقة طيبة، تستمر في قالب يصبّ أخيراً في سلوك حسن..
على الزوجين أن يكونا صادقين في مشاعرهما تجاه بعضهما البعض، لكي تستمر العلاقة، ويرافقها الحب ونبض من الوفاء، وليس من أجل تمرير ذلك لجهة غاية أو هدف، وبعدها نمضي في طريقنا، ونخلص إلى تحقيق غاياتنا وبعدها نقف مكتوفي الأيدي ونتفرج، والعودة بالتالي إلى ما بدأنا!

نعم. هذا حال الكثير من الأزواج اليوم في علاقتهم الباهتة. علاقة سطحية تستدعي إلى غربلة كي تتحقق الرؤية والهدف، ومعرفة الحقيقة كاملة بدلاً من صور الخداع التي يعيشها الأزواج اللاتي بتن يتكالبن على الركض باتجاه البحث عن الثرثرة  والمال أولاً، بعيداً عن المشاعر، وضياع وقتهن في اللهو على حساب غيابهن عن البيت، وعن إهمال الزوج والإبن.. لا سيما أن المال بعرفهن، وبحسب قناعتهن، هو المطلب الأول في الحياة، وترك الزوج يعيش في مخدعه ذليلاً بلا حول ولا قوّة!

***

يلجأ البعض من الناس إلى مدح أشياء وأماكن، أو أشخاص ليسوا في أماكنهم الطبيعية، أو حتى في مواقعهم، وهذا ما قرأته منذ أيام في صفحة أحد الأصدقاء المتيّم بالرّقة.
ولمجرد التذكير بها فإنه يفاخر ويعتزّ بها وكأنها قطعة من الجنة، المدينة الوحيدة في العالم التي لا يمكن المساس بها!. فلماذا الرقّة بالذات؟ وماذا تعني؟ وهل تستحق منا كل هذا التفاخر والمديح والتباهي بها من قبل أبنائها الذين هجروها؟
لا شكّ أنّ كلاً يُحب حسب رغبته، وكيف ما اشتهى. ولكن أسأل ماذا وجدنا في الرقّة حتى يظن البعض أنها المدينة الوحيدة في العالم التي تستحق كل هذا الحب؟. هل نتوق إلى شوارعها، وحيطانها، وأسواقها، وأبنيتها، وما فيها من عثرات سبق أن أصابتها في الصميم! .. 

ما نقوله فيها مبالغاً فيه. فما هو الأثر الكبير الذي تركته الرقّة في عقول وأذهان أبنائها - أقصد- هؤلاء الذين ولدوا وعاشوا فيها حتى تفيض قريحتهم شكراً وعرفان بالجميل لها؟.
الرّقة مثلها مثل أي مكان آخر في الدنيا، وتكاد تكون أدنى من غيرها في مناح كثيرة، فلماذا يلجأ كثيرون إلى المديح بها، وكأنها منارة الدنيا، أو أنها المنقذ بالنسبة لكثيرين ممن أصابهم من آلام وأوجاع؟.
هناك الكثير ممن تركوها، وها هم اليوم يعيشون في مدن سورية، وفي قرى قريبة منها، ومنذ سنوات، ومنهم من يعيشون في دول عربية وأوربية، وفي الولايات المتحدة، واستمروا ونسوا الرقّة وكل ما يربطهم بها، ولم يعد يتذكرونها لمجرد التذكير، أو تخطر بالبال، فهل يعني هذا أنّه ارتكب جرماً؟

لنخفّف من مدحنا وتهويلنا وتفاخرنا بمدينة منسية، مدينة ما زالت هزيلة في صورتها وفي تركيبتها، وما زال الكثير من أبنائها يعيشون في آفاق ضيّقة.. فلماذا كل هذه الاشادة بمدينة ظلت وإلى اليوم ميتة؟. مدينة بقيت منسية من قبل حكومتها قبل أبنائها الذين هجروها ونسوها، ولم يعد يتذكرون منها سوى الاسم!
تظل نظرة البعض وللأسف قصيرة حيال أبناء سوريا الذين غادروها. تفضلوا إلى حيث يعيش أخوة لكم يعيشون بكل حب. يكفي أنهم يعيشون في ظل توافر الكهرباء، وخدمات لا تنتهي.. وبدعم متواصل من حكومات تعرف كيف تحترم الناس وتقدرهم. 

إنهم جديرون بالاحترام، ويليق بهم الحب. فلماذا كل هذا الموقف من البعض قصيرو النظر إلى  الدول التي احتضنت الكثير من اللاجئين ووفرت لهم حياة كريمة، ولا أحد ينكر ذلك. سوريا كوطن ماذا قدمت لأبنائها؟ 
لا شك أنها قدمت لهم أطباقاً من الإهانة والذل، ومات الكثير منهم في السجون، فضلاً عن الملاحقات الأمنية، ولأتفه الأسباب!. نبحث اليوم في ما يفيد الناس المقهورين الذين باتوا يعيشون اليوم على الكفاف!
لماذا لا نصحوا وندلي بالحقيقة. الكل يحاول أن يكذب على نفسه. حتى أن هناك أصدقاء مترفين يعيشون في بحبوحة في الخليج ومتوافر لهم مقومات العيش الكريم ويحاولون ترك كل شيء بهدف الوصول إلى أوربا، وغيرها. وهذا ليس بغريب على أبناء سوريا المقهورين الذين يعانون، فلماذا يبالغ الكثير من أبناء سوريا على أنهم يعيشون حياة فرح. حياة كريمة.

***

ﻻ ننكر أَنَّ الكثير منّا في سورية كانوا يعيشون في بحبوحة، ولكن هذا لا يعني أننا كنا نعيش مرتاحي البال، أو خليين من أي مشاكل كانت تقف حجر عثرة في طريقنا... وفي أوروبا، تظل البلاد اﻷفضل بلا منازع لكل من قصدها مهاجراً، ومهما حاولنا أن نرمي بكل عاهاتنا التي اكتسبناها في ظل نظام فاسد، وزد عليه أنه نظام مجرم بدليل ما آلت إليه أحوال الناس، والجوع والفقر الذي ينهش بهم، ذلك النظام الآيل للسقوط، الذي حفر في قلوبنا معاني الحقد والبغض الدفينين، وويلات من اللعنات، فهذا لا يعني أننا نتنكر للبلد الذي غرس فينا ألواناً من الحب يوماً، ودفقات تختزل الكثير من المعطيات في حياتنا... بالطبع بحضور من أحببناهم واحترمناهم، إلا أن هذا لا يعني أن البلد له مكانة في قلوبنا، أو أننا نتعاطف مع ما آل إليه من انحدار مخيف ومرعب في كل شيء !.

لن ندخل في مسارات وحكايات نلوذ في مساراتها، لا أبداً.
إنّ الحياة في سوريا، وكما شاهدتها من خلال متابعات حيّة، وصور فيديوهات لافتة بات يستعرضها الجميع ويتابعها، ويتحسّر للأسف عليها، ناقلة الواقع بكل صدق، وبأسى، وهذه الصورة تعني فيما تعنيه مدى القصور الذي يواجه الحكومة السورية، في ظل انحدار الليرة السورية ووصولها، مقارنة بالدولار، إلى أرقام فلكية!
من العيب أن نقول إن سوريا بلد سينهض. سوريا بلد يتعثّر. بلد يحتضر ويتهاوى!
فأيّ حبّ، وأي شوق، وأي رغبة تدفع بنا إليه ما دام أن أهله يعانون الألم والحاجة.

***

 أخيراً نقول:
ما أحوجنا إلى أن نعيد النظر بالغيرية، وبأيام الزمن الجميل التي افتقدناها.
وما أحوجنا، إلى الصدق، لأنه مظهر حضاري، ويزيد ثقتنا بأنفسنا أكثر فأكثر.
وما أحوجنا، إلى صحفي متفهّم مقنع في هيئته وكتاباته، وحسّه الإعلامي الكبير، وفي معرفة مداركه ليقرأ  لنا ما يَحدث على الساحة العربية من أحداث فظيعة، وصور باهتة، والعمل على نبذ كل من أساء لصاحبة الجلالة التي عَرفت ـ وللأسف ـ متطفلين كثر، وأخذوا دور غيرهم، وسجلوا حضوراً لافتاً، وهذا ما يضحك، وهم في حقيقة الأمر ما يخدعون إلا أنفسهم، وتجلى ذلك في الكثير من المواقع الإلكترونية، وحتى في الصحافة الورقية، ويطلقون على أنفسهم مسميات ما أنزل الله بها من سلطان! .
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي