سماؤنا ربيعية صافية، بصفاء ألوان هذا العدد من مجلة الرفاهية العصرية How To Spend It Arabic الذي يجمع في صفحاته كوكبة من الأسماء العربية اللامعة، كلّ في ميدانه المتميز، إضافة إلى أسماء أخرى بارزة وجدت في المنطقة العربية مساحة خاصَّة لعرض فنونها وإنجازاتها.
إنه عدد يزخر بلوحات ألوان تتجسد في أعمال مصمم الأزياء المغربي سعيد معروف، الذي وإن كان يقف بين أكثر من تأثر حضاري واحد، إلا أنك تجد المغرب حاضراً في كل تفصيل في تصاميمه، ليس بصخب ألوانه فحسب، بل بعمق جمالياته أيضاً. معروف الذي وُلِد في أصيلة، نشأ في أمستردام، حيث تعلّم تصميم الأزياء في Gerrit Rietveld Academie ونال شهادة فيه، كما درسه في Pratt Institute في نيويورك. يقول: "كان من حسن حظي أنني نشأت بين ثقافتين، مغربية وهولندية. كان الانتقال مع والديّ وأنا في التاسعة إلى أمستردام أفضل خطوة يخطوها شاب ليتكيّف مع ثقافة جديدة تماماً".
حصل معروف على جوائز عدة، منها جائزة أفضل مصمم مغربي معاصر في Fashion Week in Jakarta في عام 2004، وأيضاً في Fashion Forward في دبي (في الأعوام 2014 و2015 و2016). وإذ يعترف أن تصاميمه وقعت طويلاً تحت تأثير أمستردام، يؤكد أن إقامته اللاحقة في الدار البيضاء على مدى السنوات العشر الماضية طوّرت جماليات تصاميمه. يقول: "ساعدني محيطي الجديد المتمتّع بتقاليد حرفية ثرية في تحقيق هذا التطور".
في المغرب أيضاً نلتقي أمين بن درويش، مصمم الأزياء الذي وإن اختلف عن معروف في الرؤية الإبداعية وفي طريقة التعامل مع القماش، إلا أنه يلتقي معه في أمر مشترك: "المغرب هوية نحياها لا جنسية نحملها. إنه الروح في أجساد كثيرة، والملهم في أفكار عديدة". بدأ اهتمامه بالأزياء في سن مبكرة، حين كانت تحبطه ملابسه إذ تعين عليه ارتداء ما يشتريه والداهُ له، وما كان له الحق في الاختيار. يتذكر: "عندما بدأت العمل مصمم أزياء أول مرة في الدار البيضاء في عام 2007، كنت مارقاً، لم يأخذني أحد على محمل الجد". لكنه ترك لاحقاً بصمة لافتة في مجاله.
المغرب هوية نحياها لا جنسية نحملها... إنَّه الروح في أجساد كثيرة والملهم في أفكار عديدة"
ومن المغرب إلى دبي، التي تستضيف هذا الشهر النسخة الخامسة عشرة من فعاليات Art Dubai، لتجمع فنانين رؤيويين من مختلف أرجاء المسكونة ليقدموا من خلال فنون غير كلاسيكية مقاربات لحل مسائل شائكة، في مقدمها التحول الرقمي والاستدامة. تقول بنيديتا غيون، مديرة Art Dubai التنفيذية، تقديماً: "إنه أكثر من معرض، إنه خيال فني هادف"، لتوجز الرؤية التي تقوم عليها نسخة عام 2022، آملة أن يتمكّن الفنانون المجتمعون في دبي منتصف هذا الشهر من فرض إرادة التغيير على مستوى بيئة العالم.
من هؤلاء فنان الأنوار الرقمية الفيليبيني الأميركي جيمس كلار، والفن برأيه "اجتراحٌ لطرق مبتكرة لعرض ما وصلت إليه حالنا، فهذا يساعدنا على التكيّف مع التغيرات المستمرة"، وفي مقدمها التغيرات البيئية. بدوره، يقارب الفنان الكيني سايروس كابيرو الاستدامة من منظور تعليمي أكثر حركيةً على المستوى الإنساني، وهو يرى الفن من خلال "نظارات" خاصة. يقول: "أنا مؤمنٌ بضرورة منح القمامة فرصة ثانية. فالإبداع قادر على الاستفادة من الركام، ومن النفايات". من الفنانين المتميزين المشاركين في نسخة هذه السنة فرناندو غارسيا - دوري، الذي يقدم من خلال Sand Flow مشهداً فنياً متعدد المواقع، ضمن مشروع Inland، يشكل تمثيلاً لماضي دبي وحاضرها ومستقبلها، حيث يتفحّص الاستدامة والتقانة بعدسة التعددية الثقافية وبناء المجتمعات المحلية. وإذا كان من رسالة لفعاليات Art Dubai، فهي أن القيود كثيرة، وقاسية، لكنّ الإنسان قادر على أن يفتح كوّة في الجدار.
من بيروت، يصحبنا جورج حبيقة، وهو مصمم أزياء ينتمي إلى جيل ذهبي ساهم في ترسيخ ريادة قطاع تصميم الأزياء اللبناني إقليمياً، في جولة داخل عالمه الخاص بامتياز. هذا المدمن على الاستماع إلى فيروز، صاحبة الصوت العابر للأجيال وللحدود، والشديد التأثر بشخصية غريس كيلي وأسلوبها، لا يملك موقفاً محايداً تجاه القماش. وهو يكشف مثلاً في لقاء ضمن مع باب "الذواقة" أنه لو صمّم فستان زفاف الأميرة الراحلة غريس كيلي، لتخيَّله بدانتيل وأزرار أقل وأورغانزا أكثر، وباللون السكري الفاتح جداً. يحدثنا حبيقة عن تطريز يهواه، وعن حبه التصوير، وزهرة أوركيديا حاضرة دائماً في مجموعاته، تذكر بأجواء الربيع، والنقاء الروحي، لا بل الحب والبدايات الجديدة.
SamarAbdulMalak@
samar_abdulmalak
اشترك في نشرة howtospenditarabic.com/newsletter ليصلك أفضل ما تقدمه How To Spend It Arabic مباشـرة إلى بريدك
* افتتاحية عدد شهر آذار/مارس 2022 من مجلة الرفاهية العصرية How To Spend It Arabic التي تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز