: آخر تحديث

العرب.. والإيرانيون والأتراك

61
54
55
مواضيع ذات صلة

إنه لا يمكن أنْ تكون مجرد "مصادفة" أنّ أكبر وأيضاً أهم دولتين "مسلمتين" مجاورتين هما إيران من الشرق وتركيا من الشمال  تبدوان مع بعض الفروق الكبيرة معاديتين للعرب كأمة وليس كدول، من المحيط الأطلسي غرباً إلى الخليج شرقاً، وهذا مع أنّ هذه الأمة هي التي أنجبت للعالم كله نبي الإسلام محمداً بن عبد الله صلوات الله عليه، وأن القرآن عربيٌ ومعظم مفردات اللغة الفارسية وأيضاً واللغة التركية "العثمانية" عربية، وأنه لولا هذا الدين الحنيف لما كانت هناك الإمبراطورية العثمانية التي يتغنّى بها رجب طيب أردوغان، ولا الدولة الإيرانية التي لا يشكل فيها "الفرس" إخوتنا وأحبتنا إلّا نحو خمسين في المائة فقط من سكانها الذين يبلغ عددهم نحو ثمانين مليون نسمة. 

ثم وبغضِّ النظر عن كل هذه التطورات "الدراماتيكية" التي يرى البعض أنها جاءت ضرورية لقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية فإنّ ما يثير العديد من التساؤلات المحقة فعلاً هو أنّ هاتين الدولتين اللتين من المفترض أنهما شقيقتين ويجمعهما ويجمع شعوبهما بالعرب تاريخ عظيم ناصع، وحيث أنه لولا الإسلام العظيم بحضارته وبرسالته السماوية لما كانت هناك "الإمبراطورية" الإيرانية التي يتربّعُ على رأسها المرشد الأعلى علي خامنئي الذي هو كما يقال سيدٌ وشريف ويعود بأصوله البعيدة إلى بيت رسول الله، ولما كانت هناك لا الإمبراطورية العثمانية ولا هذه الدولة التي باتت تتمدّد في كل الاتجاهات وعلى رأسها رجب طيب أردوغان المصاب بعقدة الزعامة والذي غير معروف على وجه اليقين ما إذا هو من أصول عثمانية أو غير عثمانية!!. 

وعليه فإنّ المفترض أنّ نظامي هاتين الدولتين الجارتين بل والشقيقتين مثلهما مثل أبناء شعبيهما الشعب التركي، الذي جزء أساسي منه من أصول عربية، وأيضاً الشعب الإيراني الذي في هذا المجال مثله مثل شقيقه التركي، أي غير "محشوّين" بكل هذه الأحقاد ضد إخوتهم العرب وذلك مع أن الشعوب العربية ورغم كل هذه المنغّصات لا تنظر لا للإيرانيين ولا أيضا للأتراك إلّا على أنهم أشقاء أعزاء وأنّ ما يجمعهم بهم أكثر كثيراً مما يفرقهم، ويبدو أن هذا العداء غير المبرر بالنسبة لإيران النظام قد بدأ مبكراً ومنذ الفترة "الصفويّة" وهذا مع أنّ الصفويين لم يكونوا "فرساً"، بينما بالنسبة للأتراك لم نلمسه إلّا في هذا العهد الأردوغاني.. لا أدامه الله!! 

وحقيقة ولأنني كنت قد زرت إيران في بداية ثورتها في عام 1979 فإنه عليّ أنْ أقول إنني لم ألمس هذه النزعة الآنفة الذكر لدى كل من التقيتهم من الإيرانيين الذين ما كنت معنياً إذا كانوا من أصول فارسية أم عربية أم كردية، وهذا يعني أنّ هذه النزعة الآنفة الذكر لم تظهر وعلى هذا النحو إلّا بعد حرب الثمانية أعوام الإيرانية – العراقية، والمعروف في هذا المجال أنّ العرب كشعوب وبصورة عامة قد "اصطفّوا" إلى جانب أشقائهم العراقيين وحتى قبل أنْ يعلن الإمام روح الله الخميني أنه قد تجرّع وقف إطلاق النار كتجرّع السمِّ الزعاف. 
والمشكلة بالنسبة لإيران، التي بينها وبين تركيا، حتى تركيا رجب طيب أردوغان، بالنسبة للعرب "فروقات" هائلة وكثيرة أنها قد بادرت بعد هزيمتها في حرب الثمانية أعوام إلى إختراق بعض الدول العربية "مذهبياً" وطائفياً وكما هو واقع الحال بالنسبة للعراق وأيضا بالنسبة لسوريا ولبنان ..وأيضاً بالنسبة لليمن الذي فتح "الحوثيّون" أبوابه لكل أشكال التدخل الإيراني .. أما بالنسبة لـ"تركيا" فإنّ هذه المشكلة تكمن في هذا الـ"أردوغان" وليس في الشعب التركي الذي هو شعبٌ شقيقٌ وعزيزٌ وحتى ولا في الأحزاب السياسية القومية وبالطبع ولا العلمانية. 
      


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في