بينما أوروبا باتت تنشغل بنفسها وكذلك الولايات المتحدة وعلى أساس أنّ خطر "كورونا" قد تجاوز الحدود التي يمكن التعامل معها بهدوءٍ وأريحية فإنّ بنيامين نتنياهو ينشغل بتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وبالطبع فإن إستطلاعات الرأي تعطيه تفوقاً واضحاً لأنّ خصمه رئيس حزب الجنرالات بيني غانتس لا يملك من الألاعيب السياسية ما هو متوفر لخصمه الذي يعتبر أنّ فوزه في هذه الإنتخابات هو مسألة موتٍ سياسيٍّ أو حياة على إعتبار أنَّ أبواب المحاكم مفتوحة في إنتظاره!!.
كان المفترض ألاّ تعزل إسرائيل نفسها وعلى هذا النحو وأنْ تتصرف منذ البدايات على أساس أنّ هذا الوباء الذي غدا كونياًّ عدوٌ لها كما هو عدوٌّ لهذه المنطقة بكل دولها وشعوبها لكنها تحت ضغط عقدها العنصرية الكثيرة لم تفعل وظنَّت أن الغرب الأوروبي والأميركي وكالعادة سيخوض حربها هذه كما خاض حروبها العسكرية كلها منذ عام 1948 مروراً بحرب عام 1956 وحرب عام 1967 وعام 1973 وما بينها من مناوشات وإشتباكات متعددة وكثيرة.
لا بل وكما قيل وأعلن بصورة رسمية علنية فإنّ الداء العنصري المتحكم بإسرائيل قد دفعها لأن تصدر "كورونا" إلى المناطق الفلسطينية كلها وليس المتداخلة معها فقط فمدينة رام الله وقراها كانت نظيفة من هذه الآفة وهي بصورة عامة لا تزال نظيفة حتى الآن، وهذا بينما هذه الآفة التي غدت كونية قد وصلت في المدن والقرى الإسرائيلية إلى أرقام فلكية وكل هذا بينما القادة الإسرائيليون ينشغلون بالصراع على تشكيل الحكومة الجديدة.
حتى يوم الجمعة الماضي وصل حصاد "كورونا" في إسرائيل إلى 95 وفاة بينما وصل عدد الإصابات إلى عشرة ألاف وخمسمائة وخمس إصابات وهذا بالإضافة إلى "115 " إصابة في الجيش الإسرائيلي، ومع ذلك فإن بنيامين نتنياهو مستمر في "ركوب رأسه" كما يقال، وأغلب الظن أنه يعتقد أن دونالد ترمب سيتخلىّ عن حربه مع هذه الآفة التي وصلت أعداد ضحاياها في الولايات المتحدة بين مصابين و"متوفين" إلى أرقام فلكية بالفعل، وهذا ينطبق أيضاً على الدول الأوروبية كلها: بريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا .. وأيضاً ألمانيا.
وهكذا فإنّ المفترض أن يدرك القادة الإسرائيليون، بدل كل هذا الصراع على مواقع المسؤولية، أنّ هناك متغيرات كونية بعد كل هذه المعارك الدامية والمدمرة مع "كورونا" وأنّ هناك عالماً جديداً غير عالم ما قبل شهور قليلة وأن إسرائيل لن تبقى من الآن فصاعداً "طفل" الغرب المدلل، أوروبا بكل دولها الرئيسية والولايات المتحدة، وإنه عليها أن "تبْصُق" على نتنياهو وتصرفاته وأن تجد وسيلة للتعايش مع شعوب هذه المنطقة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني صاحب الحق التاريخي في فلسطين كلها ومن البحر إلى النهر.. إنّ هناك الآن لحظة تاريخية مستجدة وإنه على الإسرائيليين الذين في رؤوسهم عقولٌ أن يبادروا لإغتنام هذه اللحظة .. الفرصة!

