: آخر تحديث

لماذا الهُويّة الخليجية؟

1
1
1

بقي من الزمن 5 سنوات ويُتمٌّ مجلس التعاون الخليجي نصف قرنٍ من الزمان... هي فترة صمدت رغم العواصف السياسية والزلازل الحربية والقلاقل الأمنية، ورغم جملة التحديّات المصيرية داخلياً وخارجياً.

اليوم تجتمع دول الخليج على مستوى القادة، في البحرين، ويصدر عن هذه القمّة بيانٌ ختاميٌ يشرح الحاضر ويخبر عن المستقبل، بين هذه الدول الستّ في مجالات مختلفة.

لماذا صمدت هذه المنظومة العربية الإقليمية بضعة عقودٍ من الزمن، ومن الواضح أنّ هذا الصمود بل المزيد من التأثير خارجياً والنمو داخلياً، ذاهبٌ إلى المزيد؟!

بيان التأسيس للمجلس الخليجي منذ انطلاقه 1981 أشار إلى السِمات والصفات المشتركة بين دول وشعوب المجلس، والتأسيس عليها وعلى الذاكرة المشتركة والتجربة المتقاربة.

هذا صحيحٌ تماماً، فنسيج المجتمعات الخليجية متقاربٌ بل يصل في بعض الأحيان للتطابق، بمعنى أنك تجدُ أسرة واحدة - ليس فقط عشيرة أو قبيلة - بل أسرة تنتمي للجدّ الثالث أو الثاني ربما، منتشرة في دولتين أو أكثر من دول الخليج، وتجدُ الحكايات والأمثال تنهل من موارد واحدة.

أمّا المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية المشتركة، فمعلومة، رغم أن كل هذه الروابط لا تضمن في كل الأحوال انتفاء الخلافات بل النزاعات أحياناً، لكن من المهمّ إيجاد آليات لضمان إدارة وتسيير هذه «الاستثناءات» بما لا يُلحق الضرر بالمعنى الأسمى والهدف الأعلى وهو «التعاون» الذي هو صفة المجلس الخليجي.

على كل حال، فإن حديث السياسة وشجونها، يبعث الشَجى، نتركه الآن، ونشيرُ إلى اجتهادات وجرأة بعض المنسوبين للنخبة الخليجية حين يقول بعضهم إن الرابطة الخليجية أصغر من أن تستوعب الدول الخليجية الكبيرة جغرافياً، يضربون مثلاً بعُمان والسعودية، وإنّها رابطة مصطنعة، والواقع أن هذا الكلام هو من «لغو» القول، فقبل أن ينشأ هذا المجلس... هذا البحر شهدت مياهه تشابك إنسان الجزيرة العربية مع كل إخوانه من سكّان الجُزر والضِفاف الخليجية العربية قاطبة.

من أيام كاظمة ودلمون وبينونة وجلفار والخطّ وهجر، ولكم أن تتمعّنوا في جغرافيا القصائد العربية المُبكّرة، مثل طرَفة بن العبد، لتعرفوا قِدم وعمق اتصالات ابن وسط الجزيرة العربية وغربها وشمالها، ببحرها الشرقي المعروف اليوم باسم الخليج العربي.

الرابطة الخليجية أرسخ وأقدم وأشمل من تخرّصات بعض المنسوبين للنخب الخليجية ممّن يجهلون تاريخ بلادهم نفسها، قبل تاريخ الآخرين.

استمرار هذه المنظومة العربية الإقليمية ليست صدفة، ولا ضربة حظّ، هي - بموازاة «التوفيق» - قائمة على قواعد متينة، وأسبابٍ دائمة، تكفل بدورها ديمومة المؤسسة، ما بقيت هذه الوشائج قائمة والأسباب مستمّرة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد