: آخر تحديث

إسرائيل بقاؤها في حروبها

0
0
0

خالد بن حمد المالك

تستطيع إسرائيل أن تنسحب من الأراضي اللبنانية التي احتلتها بعد أحداث السابع من أكتوبر، وبالتالي لا تعطي مبرراً لحزب الله بعدم تسليمه السلاح للجيش اللبناني، ولكن تل أبيب لا تفعل، ويمكن لإسرائيل أيضاً أن تسمح للفلسطينيين العالقين في أجزاء تحتلها إسرائيل في قطاع غزة بالخروج من أنفاقهم دون سلاح، باتجاه ما هو تحت سيطرة حماس من أراضي غزة، أو إلى خارج غزة، ولكن العدو الإسرائيلي لا يوافق، فيجعل حماس مترددة في تسليم سلاحها، وتستطيع إسرائيل أيضاً أن تنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها بعد أحداث السابع من أكتوبر، غير أنها تمانع في ذلك، وهذا بالتالي يجعل التفاهمات بين دمشق وتل أبيب محدودة النتائج.

* *

غرضي من طرح التعنت الإسرائيلي، وإصرارها على احتلال أراض ليست لها، أن أشير إلى ما هو ثابت عن السياسة الإسرائيلية القائمة على استمرار حروبها، ضمن سياسة التوسع على حساب احتلال أراضي جيرانها، وعدم رغبتها في السلام القائم على الأرض مقابل السلام، وليس السلام مقابل السلام، وهو ما تفسره تل أبيب بأن قيام دولة فلسطينية مجاورة لها على أراضي عام 1967م يعني الحكم -وإن تأخر- على زوال الكيان الإسرائيلي من الوجود، وهو تخوّف لا معنى له، في ظل الضمانات الدولية للدولة الإسرائيلية بعدم المساس بحدودها.

* *

لهذا، فإن استمرار الحروب على مدى ثمانين عاماً مضت لا يحتاج إلى تفسير وتأويل وفهم، فإسرائيل هي من تريد إشعال نار هذه الحروب، وهي من تبحث عن أسباب لها، وهي إسرائيل لا غيرها من ترى أن لها مصلحة في استمرارها، فإن لم تجد أسباباً لها خلقت هذه الأسباب، وأوجدت هذه المبررات، وأحياناً يتصرف العرب بما يوفر لها هذه الأسباب، كما هي أحداث السابع من أكتوبر، والغرب جاهز للدخول طرفاً في هذه الحروب الإسرائيلية المفتعلة، انتصاراً ودعماً لأوهام إسرائيلية مستقبلية.

* *

الآن، هناك حلول مطروحة تضمن لإسرائيل البقاء على ما احتلته عام 1948م من الأراضي الفلسطينية، وبضمانات دولية تمنع أي مساس بحدودها، أو افتعال أي من الأسباب بما يثير مخاوفها، غير أنها لا تتجاوب مع أي طرح سلمي، أو حل ينهي هذا الصراع الدامي، وفقاً لخيار الدولتين، وبما يلبي حقوق الشعبين الفلسطيني واليهودي بحسب قرار التقسيم، الذي أقرَّته الأمم المتحدة وصادقت عليه، ووافق الفلسطينيون والعرب على هذا الطرح المعروض.

* *

وأنا على يقين بأن اتفاقاً كهذا، سوف يُنهي سنوات من هذا الصراع الدامي في المنطقة، وسيعم السلام والاستقرار جميع دول المنطقة، ولن يكون هناك انعدام أمن، أو حروب مستمرة، أو انصراف عن التنمية إلى صراعات وخلافات تقوِّض الأخضر واليابس، وتمنع التطور في دول المنطقة.

* *

انسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها في سوريا ولبنان، والسماح بخروج العالقين الفلسطينيين دون أسلحتهم، إنما يمهد لإيقاف الحرب في كل من غزة ولبنان والاعتداءات على سوريا، وتسليم سلاح حزب الله وحماس، ومعالجة بقية النقاط العالقة في أسباب التوتر بين إسرائيل وهؤلاء، وصولاً إلى قيام الدولة الفلسطينية التي هي أساس كل هذا الصراع بين إسرائيل وجيرانها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد