: آخر تحديث

وزارة الداخلية.. وضرورات الأمن ومتطلبات الاطمئنان

2
3
2

بحثت في قائمة أكثر عشر دول أماناً في العالم، وفقاً لمؤشر السلام العالمي، فلم أجد بينها الكويت. رفعت السقف لعشرين ثم ثلاثين دولة، ولم أجد الكويت بينها، فعلمت أنها قائمة «ضيزى»، خاصة مع تضمنها أسماء دول أعلم جيداً أنها أقل أماناً من الكويت بدرجات. فما المطلوب لتكون الكويت أكثر أماناً... بالفعل؟!

من أكثر الأمور صعوبة على «المسؤول» المواءمة بين متطلبات أمن الدولة، من جهة، وتوفير الاطمئنان والعيش الحر الكريم للمواطن والمقيم، من جهة أخرى، فهذا يمثل تحدياً مركباً وتجاذباً مستمراً في الفلسفة السياسية والقوانين الحديثة.

يمكن تحقيق هذا التوازن من خلال مبادئ عدة وآليات فعالة، مثل:

1. جعل القوانين صارمة، وفوق ذلك شفافة وواضحة.

2. أن تكون التدابير الأمنية مثل الرقابة أو المراقبة الإلكترونية مبررة قانونياً، ومقيدة بحدود تحمي الحقوق الأساسية للجميع.

3. ضرورة خضوع إجراءات الأمن للمراجعة، بما يضمن عدم التعسُّف في استخدامها. مع حفظ حق الاعتراض عليها، والطعن القانوني في إجراءاتها من خلال آليات قضائية مستقلة تراقب مدى قانونية التدابير الأمنية، وتوفر هذه الرقابة ضماناً لمنع التجاوزات.

4. ضرورة تطبيق مبدأ التناسب، بحيث تكون كل تدابير الأمن متناسبة مع درجة التهديد المحدق، وأن يُستعمل الحد الأدنى من القيود اللازمة دون تجاوز أو تقييد غير مبرر للحريات.

5. أن تكون الإجراءات الأمنية ضرورية للحفاظ على النظام العام دون الإضرار بحرية التعبير والخصوصية.

6. إشراك المجتمع المدني ووسائل الإعلام بقوة في المراقبة والضبط، بما يتيح الكشف عن التجاوزات وتشجيع ثقافة احترام الحريات، دون الإفراط في عامل الأمن. شفافية الأجهزة الأمنية تؤدي لبناء الثقة وتساعد على تقبل المواطنين لبعض الإجراءات الاستثنائية وقت الأزمات دون الشعور بتهديد دائم.

7. ضمان الحكومة للحقوق والحريات الأساسية في الدستور، بما يعطي أفراد المجتمع مجالاً واسعاً للحركة والتعبير، وبالوقت نفسه يجب وضع ضوابط واضحة لحدود تدخل الدولة، مع إلزام السلطات مبادئ العدالة والمساءلة.

8. حماية خصوصية الأفراد، وتحديد شروط جمع واستخدام بياناتهم الشخصية، خصوصاً في حالات المراقبة الإلكترونية، بما يتماشى مع معايير الشفافية

تطبيق هذه الأطر القانونية سيساعد حتماً في الموازنة بين حماية الأمن الوطني وضمان حرية الأفراد، ويوفر ضمانات لمنع استغلال البعض في الأجهزة الأمنية لسلطاتها، بتعسُّف غير مقبول.

مناسبة هذا المقال تتعلق بكم الإشاعات التي أصبحت تملأ وسائل التواصل الاجتماعي، مما يتطلب تدخُّل «المعنيين» وطمأنة الجميع على أن حياتهم الخاصة هي ملك لهم، والتأكيد بأنه لا حق لرجال أمن في دخول البيوت، بغير أمر من النيابة العامة وفي إطار القوانين. وأنه لا تسفير، أو ترحيل هناك، لغير ما يقتضيه أمن الدولة، وكل ما قيل خلاف ذلك لا صحة له.

نعم لدينا مشكلة تتعلق بارتفاع نسبة الوافدين مقارنة بالمواطنين (30%–70%) مع تزايد الجرائم الخطيرة التي تكون وراءها فئة معينة، يصعب التخلص أو الاستغناء عنها، ومن الضروري إيجاد طريقة للتعامل معها، لأهمية تقليل حجم ونوعية مخالفاتها، التي أصبحت في تزايد.

من منطلق الشفافية نتمنى الاستفادة من كاميرات وأجهزة تسجيل المحادثات، بين رجال الأمن والموقوفين أو المخالفين، لمنع تعسُّف أو تعدِّي، أي طرف على الآخر، بأي شكل كان، حمايةً لحقوق الطرفين، وتحقيقاً للعدالة.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد