: آخر تحديث

سلمان.. ذاكرة وطن

1
2
1

تغريد إبراهيم الطاسان

في أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب الذي اختتمت فعالياته مؤخرا، كانت لحظة تدشين كتاب «سلمان» حدثًا يفوق التوثيق ذاته، إذ استحال إلى مشهد وطني يجمع الذاكرة بالعظمة، ويعيد تقديم القائد في ملامح الصورة وتاريخ الفعل وعمق الأثر.

الكتاب، الذي جاء في 464 صفحة تتوزع على 432 صورة تاريخية نادرة، لم يكن مجرّد عمل أرشيفي، بل دراسة بصرية لتاريخ المملكة من خلال مسيرة قائدها. لقد اختزل ملامح الملك سلمان بوصفه رجل دولة عاش تفاصيل الإدارة والقيادة منذ عقود، فكان الكتاب بمثابة بانوراما زمنية تسرد محطات التحول السعودي من قلب الوثيقة والصورة، في تناغم بين الذاكرة الفردية والوعي الجمعي. وامتاز العمل بدقّته الفنية وتوثيقه الرصين، حيث رُتبت الصور وفق رؤية سردية تحاكي مراحل الدولة الحديثة، من إمارة الرياض إلى عهد الرؤية، لتغدو الصفحات مرآة لرحلة الوطن مع سلمان الإنسان والملك والقائد.

لقد بدت قاعة التدشين في جامعة الأميرة نورة كأنها مختبرٌ للذاكرة الوطنية، حين اجتمع الأمراء والمثقفون والمهتمون بالتراث الوطني في أمسية تُعيد صياغة علاقة الثقافة بالقيادة.

لم يكن الحضور احتفاليًا فحسب، بل أقرب إلى جلسة تأمل في رحلة المملكة من التأسيس إلى الريادة. وفي الوجوه التي تابعت العرض البصري للكتاب، كانت هناك دهشة ممتزجة بالفخر، فكل صورة من صور الملك سلمان كانت تحكي قصة بناء، وكل مشهد يوثّق لحظة من لحظات الرؤية التي صنعت وطنًا حديثًا يوازن بين الأصالة والطموح.

كما شهدت المناسبة تكريم الجهات التي أسهمت في رعاية هذا العمل الثقافي الكبير، في إشارة إلى أن الشراكة بين القطاعين الثقافي والاقتصادي باتت رافدًا رئيسًا في حفظ الإرث الوطني.

فقد اجتمعت مؤسسات وطنية كبرى على دعم مشروع معرفي يرسم ملامح قائد، في دلالة رمزية على أن الوطن بكل قطاعاته يتوحد حين يكون الحديث عن الملك سلمان، وحين يكون الهدف صون الذاكرة السعودية وتقديمها للعالم بوصفها ذاكرة منفتحة، حية، ومستمرة.

لقد نجح كتاب «سلمان» في أن يُعيد للوثيقة جمالها، وللصورة معناها، وللتراث مكانه في الحاضر. ومن خلاله برهنت مؤسسة التراث على أن الثقافة الوطنية ليست مجرد أرشفة للماضي، بل استثمار في المستقبل.

هكذا، بعد مرور الحدث بأيام، بقي أثره حاضرًا كإحدى اللحظات الفارقة في الذاكرة الثقافية الوطنية. فقد اجتمع في ليلة واحدة: الكتاب، والفكرة، والقائد. وكلها نُسجت بخيوط من الوفاء والمعرفة لتقول للعالم إن وطنًا يزهو بتراثه، لا بد أن يزدهر بمستقبله.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد