: آخر تحديث

«طباخين علوم»..!

1
1
1

عطية محمد عطية عقيلان

صافرة التشهير بالحرامية

نتيجة انتشار عمليات السرقة والنشل في بعض العواصم الأوروبية، لجأ بعض الأشخاص المؤثرين وعامة الناس، بتصوير الأشخاص الذين يقومون بذلك، والتنبيه للموجودين من شرهم، باستخدام صافرة مثل حكم كرة القدم، تطلق على الشخص النشال وإظهار وجهه ونشره على منصات التواصل الاجتماعي، كذلك لجأ آخرون لتحذير الناس وقت السرقة وتصوير وجوه هؤلاء اللصوص والتشهير بهم، وملاحقتهم بالكاميرا، وآخرون ينبهون بصوت عال ويشيرون على اللصوص ويلاحقونهم، فيضطروا للهرب، ولكنه نبه الناس لخطرهم وأخذ الحيطة منهم علما أن بعضهم شكله وعمره لا يدل على أنه نشال، ويتواجدون على شكل مجموعات لإلهاء وإيقاع ضحاياهم، مستخدمين أحياناً مراهقات دون 15 سنة، ليسهل خداع الناس في الشارع وأماكن المواصلات العامة المزدحمة.

اللي تغلب به انشره

يقال: (التاريخ يعيد نفسه)، من أكثر المقولات التي تؤكدها الأيام، ولكن بصور وأشخاص وأنماط مختلفة، وتأكيدا لذلك ما قام به شاب مصري على منصات التواصل الاجتماعي وفتح حساب باسم «ياسمين» والتنكر بشخصية امرأة واستخدام المكياج وباروكة وملابس نسائية وفلاتر لخداع الآخرين بأنه امرأة، وعند القبض عليه، برر بأن المرأة على منصات التواصل «بتلم فلوس» ويلاقوا الدعم من المتابعين.

وقصة محمود أو كما انشهر باسم ياسمين، هي قصة قديمة مكررة، وكما ذكرت التاريخ يعيد نفسه، فمنذ سنوات غابرة كانت المكالمات والرسائل طريقة لكسب المال، فكم بطاقة شحن وتحويلات مالية أرسلت، إلى نساء وهم في الحقيقة رجال، مستغلين أجهزة كانت تغير الصوت وتخدع الضحية، لذا في عصر الذكاء الاصطناعي، سنشاهد عمليات خداع وتزييف بالصوت والصورة وكأنها حقيقية، ولكنها على نفس موال «اللي تكسب به ضخمه وزيفه وانتجه وانشره».

شوفوني أنا مهم

قبل عدة أعوام، كنت أنا وزملاء في ساحة التايم سكوير في مانهاتن نيويورك، وحدث شيء مستغرب منا جميعا، كان هناك شاب أسمر نحيل من آسيا ويحيط به 4 أشخاص، وسبب استغرابنا أنه وجه أمره لأحدهم بالجلوس على الأرض، ووضع حذاءه على فخذه ليربطه، طبعا المكان كان يعج بالسياح من مختلف أنحاء العالم، ولم يعره الانتباه الذي كان ينشده، بعد ذلك سمعنا أن هناك من يستأجرون أشخاصا لإظهار أنهم نجوم حتى يؤثر في الآخرين ويجذبهم، وهذا يأخذنا إلى قيام بعض المشهورات على منصات التواصل الاجتماعي عند ذهابهن إلى أوروبا، يقمن باستئجار حراس «بودي قارد» ويحطن أنفسهن بهم، وكأنها مستهدفة وتحتاج إلى هذه الحماية، وهي في النهاية فقط تجذب مجتمعها الذي جاءت منه وسط ذهول واستغراب سكان هذه المدن.

«طباخين علوم»

قضية الرأي العام بيئة خصبة لانتشار الأقاويل والروايات المتعددة عنها، ويظهر مدعون يؤكدون أن لديهم الحقيقة والعلم بالخفايا، ويدلون بدلوهم، وقد يكون مقبولا ذلك إلى حدا ما، ولكن غير المقبول أن نقَّال العلوم لا يكتفي بنقل ما يراه مع قليل من الزيادة والتجويد، بل يتحول إلى طباخ علوم، يضيف على ما ينقله النكهات والبهارات، ليخرجه بالطريقة التي يريدها وتحقق مصلحته الشخصية، وينشر معلومة فيها جزء يسير من الحقيقة والباقي إضافات، لتوافق هواه وتحقق التأثير الذي يريده، ومع توسع البرامج ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح البحث عن الترند، والانتشار، بيئة خصبة لزيادة طباخين العلوم لجذب المتابعين، لتحقيق الشهرة والربح المالي دون الرادع الأخلاقي وسوء العمل في تزييف الحقائق وظلم الآخرين، وثبوت كذب ما ينشرون، وهذا يؤكد المقولة القديمة لا لا تصدق كل ما تسمع ولا نصف ما ترى، ودوما انصح نفسي والآخرين عند سماع رأي أو مشاهدة تحليل أو حكاية، يتذكر بأن المتحدث لم يقل لك «صدقني».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد