أثناء مشاركتي مؤخراً في برنامج «الشارع السعودي» مع الزميل المبدع صلاح الغيدان، دار الحديث حول التنظيمات الجديدة التي شددت هيئة تنظيم الإعلام على تطبيقها في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي خطوة تستحق التقدير لما فيها من ضبطٍ للمحتوى وتحديدٍ للمسؤوليات، خلال الحوار، تناول المحامي مساعد الصقعبي نقطة مهمة تتعلق بالمدة المحددة في نظام المطبوعات والنشر، وتحديدًا المادة الحادية عشرة، التي تنص على أنه لا يجوز للجنة سماع الدعوى بعد مضي تسعين يومًا من تاريخ نشر المخالفة.
توقفت عند هذا النص، لأنه وإن كان واضحًا في لغته، إلا أنه يثير تساؤلات كثيرة في زمنٍ أصبحت فيه الكلمة الرقمية أكثر بقاءً وتأثيرًا من المقال المطبوع، فالمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي المسيء قد يبقى سنوات، يعاد نشره وتداوله بطرق مختلفة، بينما يمنح النظام المتضرر ثلاثة أشهر فقط لاكتشاف الإساءة والتحرك قضائيًا، وبعدها يسقط حقه تمامًا وكأن الضرر انتهى بمرور الوقت، مع أن الأثر قد يتضاعف مع مرور الأيام.
من غير المنطقي أن تُعامل إساءة إلكترونية تنتشر على مدى طويل بذات منطق الصحافة التقليدية التي تُنشر مرة وتُطوى. الواقع الرقمي مختلف، والإساءة فيه لا تنتهي بنشرها بل تبدأ منه، لذلك تبدو مدة التسعين يومًا قصيرة جدًا ولا تحقق التوازن المطلوب بين سرعة الإجراء وعدالة الحق، خصوصًا أن المتضرر قد لا ينتبه لما كُتب ضده إلا بعد مدة طويلة!
في أنظمة إعلامية دولية متقدمة نجد أن المدد أطول وأكثر إنصافًا، فالقانون البريطاني يمنح المتضرر عامًا كاملًا لرفع الدعوى، وفي كندا تمتد إلى سنتين في بعض المقاطعات، وبعض التشريعات تبدأ العدّ من تاريخ علم المتضرر لا من تاريخ النشر، هذه التجارب تدرك أن العدالة الرقمية تحتاج إلى زمن مختلف لأن الإساءة الإلكترونية مستمرة ومتجددة.
من هنا، أرى أن الوقت مناسب لأن تُعيد هيئة تنظيم الإعلام النظر في المادة الحادية عشرة من نظام المطبوعات والنشر، بحيث تمتد المدة إلى عام على الأقل، أو تُربط بتاريخ علم المتضرر بالإساءة، وأتمنى أن ينظر معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري إلى هذه الجزئية القانونية المهمة، وهو ابن الإعلام والخبير بحساسية بعض المواد التي تحتاج إلى مرونة مع كل فترة زمنية، خصوصًا في بيئة إعلامية متجددة تتغير فيها مفاهيم النشر والضرر بسرعة تفوق قدرة القوانين على ملاحقتها.