ومن بين الاقتراحات.. إنشاء نظام مركزي لمعالجة النفايات وتدويرها في مساكن الحي عبر شبكة أرضية متطورة، لتقليل الحاجة إلى صناديق النفايات التقليدية التي تؤثر سلبًا على المنظر العام للأحياء، مع تحقيق توفير طويل الأمد في تكلفة عقود نقل النفايات الحكومية والتخلص منها في المكبات الخاصة بها. إن استحداث مثل هذه الشبكة يساهم في التخفيف من حركة تجول سيارات نقل النفايات في الشوارع، مما يقلل من الروائح الكريهة والتلوث البيئي ويحسن المناخ العام للحي. وفي هذا السياق، يُقترح إنشاء شبكة أرضية لتوصيل غاز الطهي إلى المنازل، مما يضمن سلامة السكان ويقلل من الاعتماد على أنابيب الغاز التقليدية، ويعزز من معايير الأمن والسلامة.
تخطيط الأحياء بشكل يراعي تسهيل حركة المشاة، مع توفير مسارات آمنة تحفظ سلامتهم، إلى جانب الاستمرار في إنشاء مواقف عامة مناسبة لزوار وضيوف الأحياء. كما يُراعى تخصيص مسارات خاصة لمركبات الخدمات العامة، مثل مركبات نقل طلاب المدارس وغيرها من المركبات العامة، مما سيسهم في تنظيم حركة المرور وتقليل الاختناقات داخل الحي، ويعزز من سلامة وأمان الجميع.
تحفيز سكان الأحياء القديمة على تجديد وتحسين مبانيهم، من خلال الحصول على تمويل من صندوق التنمية العقارية وفقًا لاشتراطاته، بهدف الحفاظ على الهوية الجمالية للحي، وتحديث مظهره العمراني، والحد من التشوهات البصرية التي تتسبب بها المباني المتهالكة، مما يعكس بيئة عمرانية أكثر اتساقًا وجودة.
النظر في تفعيل نظام للحراسة الليلية للأحياء (Neighborhood Night Watch)، بهدف تعزيز الأمن المجتمعي من خلال الإبلاغ المباشر عن أي نشاط مشبوه داخل الحي، مثل محاولات السرقة أو التصرفات غير الطبيعية، وربط ذلك بالأجهزة الأمنية المختصة، مما سيسهم في تعزيز التفاعل والتكامل بين سكان الحي والجهات الأمنية، ويعزز من الشعور بالأمان ويُرسّخ مفهوم الأمن الوقائي بالمشاركة المجتمعية.
وفي ضوء كل ما سبق، تتضح أهمية التوجه نحو التوسع في البناء العمودي كبديل للتوسع الأفقي، للمدينة مما له من أثر كبير في ترشيد التكاليف المرتبطة بتأسيس البنية التحتية والخدمات، إضافة إلى المساعدة في وضع حدود واضحة للامتداد العمراني، مما سيسهم في ترشيد التكاليف الأمنية واللوجستية والخدمية، ودعم التنمية الحضرية المستدامة.
أخلص القول؛ إن تنفيذ مثل هذه المبادرات والمقترحات من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في تحسين جودة الحياة بمدينة الرياض، ويُعزز من مكانتها كمدينة ذكية ومستدامة ذات طابع عالمي، تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، وتُلبي احتياجاته البيئية والمعيشية والاجتماعية بأعلى المعايير.
كما أن هذه المبادرات تتوافق تمامًا مع مستهدفات برنامج "جودة الحياة"، أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، والتي تستهدف الارتقاء بنمط حياة الفرد والمجتمع من خلال توفير خيارات متكاملة تعزز من جودة المسكن والحي، وتحفّز على العيش في بيئة آمنة وصحية، وتدعم الأنشطة الاجتماعية والرياضية والثقافية داخل الأحياء، وتسهم كذلك في تطوير الأحياء السكنية لتكون أكثر تكاملًا وجمالاً ورونقًا وراحة للسكان، من خلال تحسين البنية التحتية، وتهيئة المساحات العامة، وتوفير المرافق والخدمات الأساسية ضمن نطاق الحي، بما يعزز من الترابط المجتمعي، ويقلل الحاجة إلى التنقل خارج الأحياء لتلبية الاحتياجات اليومية، وهو ما ينعكس إيجابًا على البيئة، والحركة المرورية، وجودة الحياة بشكل عام.
وتدعم هذه المبادرات أيضًا توجه المدينة نحو التحول إلى نموذج "الحي الذكي"، من خلال تسخير التقنيات الحديثة في إدارة الخدمات البلدية، والنفايات، والطاقة، والمرافق، وهو ما سيُسهم في رفع الكفاءة التشغيلية، وتخفيض التكاليف الحكومية على المدى الطويل.
وتُعد هذه التحولات فرصة لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتمكين المجتمعات المحلية وسكان الحي من المشاركة في صنع القرار وتحسين البيئة العمرانية التي يعيشون فيها، بما يُعزز من الإحساس بالمسؤولية المجتمعية، ويؤسس لثقافة حضرية جديدة قائمة على الوعي والاستدامة.
ومن المؤكد أن تطبيق مثل هذه المقترحات سيسهم في بناء مجتمع حضري متوازن، يُلبي احتياجات السكان، ويعزز من مستوى رضاهم وجودة حياتهم. كما سيجعل من أحياء الرياض نموذجًا حضريًا متميزًا، ينسجم مع رؤية المدينة في أن تكون من بين أفضل مدن العالم للعيش والعمل والاستثمار. وإلى جانب ذلك، يدعم هذا التوجه تحقيق مفهوم أنسنة المدن، بمعناه الشامل الذي يضع الإنسان في قلب التخطيط الحضري والتنمية المستدامة.