: آخر تحديث

عراقجي و«فلوس» المؤثّرين

3
3
3

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ليس من صنف المسؤولين الصاخبين، فهو هادئ لكنه مُصمّمٌ على الدفاع على مواقف وروايات دولته.

لذلك كان لافتاً تعليقه الساخن على حسابه بمنصّة «إكس» ردّاً على اعتذار تقدم به فان جونز المذيع والناشط الحقوقي الأميركي، عن تصريحاته الأخيرة بشأن ضحايا الحرب في غزة.

عراقجي في تعليقه الساخن شدّد على أنَّ إيران لا تدفع للناس والمؤثّرين لكي ينشروا الأكاذيب على مواقع التواصل كما تفعل إسرائيل، مشيراً إلى دفع إسرائيل 7 آلاف دولار لكل «منشور» على مواقع التواصل، يدعم روايتها حول حرب غزّة.

جونز كان قد أعرب عن اعتذاره لوصفه مقاطع فيديو على الإنترنت تُظهر أطفالاً رضعاً جثثاً في غزة بأنها «حملة تضليل» واسعة النطاق تُشنّ بالنيابة عن إيران.

الواقع أنَّ الوزير الإيراني صادقٌ في كلامه، من حيث العموم، ومن حيث الخصوص الإسرائيلي، ففي تقريرٍ نشرهُ معهد «كوينسي» في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) ورد أنَّ إسرائيل تدفع لمؤثري وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة آلاف الدولارات مقابل كل منشور لتحسين صورتها.

لكن هل إسرائيل منفردة بهذا الصنيع؟!

هل الدعاية الإيرانية بريئة من هذا السلوك؟! وغير إيران؟!

وهل الأمر محصورٌ في سعي الدول وأجهزتها في «تشغيل» المؤثرين والمغردين وناشطي «تيك توك» و«سناب شات» و«فيسوك» و«إكس»، و«يوتيوب»، وغيرها من المنصات؟!

يعني الأمرُ أننا إزاء نمطٍ جديد في تصميم وتوصيل الرسائل الإعلامية للجمهور المُراد استهدافه من هذه الرسالة أو تلك.

شركات ومطاعم وهيئات بل ونجوم ونجمات في الرياضة والفنون، يمارسون هذا السلوك، ويدفعون الأموال «لتنطيق» بعض المؤثرين، في السوشيال ميديا، كما يوصفون، وصارت العملية بالنسبة للمؤثر أو المؤثرة مصدر رزق، أو «سبّوبة» كما يقول الإخوة المصريون.

في السابق كانت الرسائل الإعلامية و«الدعايات» تمرُّ بشركات الإعلان والتسويق، وهي معروفة للحكومات والشركات والأفراد، وعليه فقد كانت الناس «تعرف راسها من أرجلها» أمّا اليوم فالمشهد صار مشهداً سوريالياً وسوق «باله» أو «حراج» كما نقول، أي سوق شعبية فوضوية.

الذي يثير الحزن والقلق أنَّ السواد الأعظم من الناس، خصوصاً من المراهقين والمراهقات والأشياخ والشيخات من الكبار، يتعاملون من المحتوى الذي يقرأونه أو يرونه أو يسمعونه في منصات السوشيال ميديا، على أنّه مُنتج طبيعي عفوي «أورجانيك» ولا يدرون أن المشهد كله «مصنوعٌ» من ألفه ليائه.

الأمرُ مقبولٌ في ترويج المُنتجات التجارية أو حتى التعريف بالخدمات العامّة، لكنه يدخل في دائرة الخطر على العقول والوعي العام، حين يكون هذا السلوك في ترويج الأفكار والدعايات السياسية الفجّة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد