: آخر تحديث

شخصية صاغتها الصحراء

2
3
3

منى العتيبي

لقد أسهمت مناسبتان في هذه الأيام في جعلي أعيش مشاعر الحماس والفخر، حتى صارت حنجرتي ذاكرة صوتية تشدو بكل قصائد الفخر السعودي. الأولى هي مناسبة اليوم الوطني السعودي لعامه الخامس والتسعين، والثانية هي الحراك السعودي العالمي الداعم للقضية الفلسطينية. وقد قادني هذان الحدثان إلى قراءة شخصية الإنسان السعودي المحب للخير والسلام، والمتميّز بشجاعته وحكمته.

شخصية الإنسان السعودي لافتة للنظر بما تحمله من توازن بين الماضي والحاضر. فمنذ القدم، تشكّلت ملامحها في بيئة صحراوية قاسية علّمته الصبر والتحمّل، وغرست فيه قيم الاعتماد على الذات والاعتزاز بالهوية. ومع الزمن، بقيت تلك السمات أساساً لا يتغيّر، لكنها اكتسبت بعداً جديداً مع التحوّلات السريعة التي تشهدها المملكة.

السعودي معروف بتمسّكه العميق بالقيم الدينية والاجتماعية؛ فهو كريم مضياف، يحترم الكبير، ويحافظ على روابط الأسرة والعائلة. هذه الروح الاجتماعية المتماسكة جعلته قريباً من الناس، وخلقت مجتمعاً متعاوناً يتشارك الأفراح والأحزان، وفي المقابل لا يرضى المساس بقيادته ووطنه وقيمه، وحتى بأصغر مواطن سعودي.

وفي ظل رؤية السعودية 2030، برز جانب آخر من الشخصية السعودية، كان موجوداً لكنه ظهر بشكل جلي؛ وهو الطموح والانفتاح على العالم. فقد أصبح الشاب السعودي أكثر شغفاً بالمعرفة والابتكار، وأكثر استعداداً لتجربة الجديد، دون أن يتخلى عن هويته الأصيلة. هذا المزج بين الأصالة والمعاصرة هو ما يمنح الشخصية السعودية تميّزها؛ فهي شخصية تنطلق من جذور راسخة، لكنها لا تخشى التغيير ولا تهاب المستقبل. واليوم، يمكن القول إن السعودي لا يعيش فقط على إرث الماضي، بل يصنع حاضره ويخطط لمستقبله بثقة استمدها من إرثه التاريخي. إنها شخصية توازن بين القيم والمستقبل، بين الصحراء وناطحات السحاب، وبين الضيافة التقليدية وروح التنافس العالمية. وهذا التوازن هو سر قوتها واستمراريتها.

ختاماً، شخصية الإنسان السعودي ليست ثابتة جامدة، بل هي شخصية ديناميكية تتطوّر مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، لكنها في الوقت نفسه تحتفظ بجوهرها الأصيل. وقراءتها تكشف عن إنسان متجذّر في قيمه، متماسك اجتماعياً، صبور ومضياف، طموح ومتطلع، يحب وطنه وقيادته ويذود عنهما بروحه وماله، ويتمنى للآخرين الخير وللعالم السلام.. بالمختصر «السعودي» شخصية صاغتها الصحراء ويقودها الطموح.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد