: آخر تحديث

متحف الصحافة السعودية

3
3
4

في كل مرحلة من تاريخ الإعلام، هناك أصوات تجرأت على تجاوز المألوف وطرقت أبواب الاكتشاف، وواجهت التحديات في سبيل البحث عن الحقيقة ونشر الوعي رغم كل العوائق بكل مستوياتها.. بعض هذه الأصوات بقي في الذاكرة، وأخرى اختفت أو نسيناها، رغم أنهم جميعًا ساهموا في تشكيل وعي مجتمعي أكثر نضجًا وانفتاحًا.

خلال العقود الماضية واجه الإعلاميون تحديات كبيرة، ومع ذلك استطاعوا ترك بصمة واضحة وصنعوا نموذجًا للإعلام السعودي الجاد الذي يقوم على الموهبة والشغف والمسؤولية الاجتماعية.. ولم يكن امتهانهم لهذه المهنة المتعبة سهلاً، بل جاء وسط مرحلة صعبة تعددت فيها القيود وتنوعت فيها الخيارات الأسهل والأسلم، ومع ذلك لم يترددوا وقتها في طرح القضايا الاجتماعية بشجاعة ووضوح، دون مواربة أو حسابات ضيقة.

وكما نعيش اليوم مرحلة تطوير غير مسبوقة، فإننا لا يمكن أن نغفل عن أولئك الذين تحدوا الصعاب في زمنٍ كان الإعلام فيه مهنة متاعب حقيقية.. إن استعادة قصص هؤلاء الإعلاميين وتسليط الضوء على مساهماتهم هو بمثابة تكريمٍ مستحق، ورسالة وطنية بأن الأوطان لا تنسى أولئك الذين ساهموا في بنائها، خصوصًا أبناءها الذين حملوا همّ الكلمة، وآمنوا بأن الإعلام ليس مجرد مهنة، بل مسؤولية ورسالة.

لذلك فإن تكريم الإعلاميين الذين مهدوا الطريق للجيل الجديد هو اعترافٌ بأن ما يعيشه الإعلام السعودي اليوم ليس وليد الصدفة أو الطفرة، بل هو نتاج جهود وتضحيات من سبقوا. ومن واجبنا ألا نترك تلك الأسماء عرضة للنسيان، أو نترك إرثهم عبئًا على عوائلهم التي مهما بذلت فلن ترتقي لمستوى العمل المؤسسي، بل أن نبحث عن آلية تحفظ تاريخهم وعطاءاتهم؛ فالتحولات الرقمية التي يعيشها الإعلام اليوم لن تلغي قيمة التأسيس والرواد، بل تجعل استذكارهم وتوثيق عطائهم أكثر إلحاحًا وضرورة.

ومن الأفكار هنا؛ تعاون هيئة الصحافيين السعوديين مع وزارة الإعلام ووزارة الثقافة ممثلة بهيئة المتاحف لإنشاء متحف للصحافة السعودية.. متحف يحتفي بتاريخ المهنة ورجالاتها، خصوصًا المؤسسين، ويكون شاهدًا على عطائهم، ومرجعًا للأجيال القادمة، ومنبرًا لتجديد العهد بأن الكلمة الأمينة والصادقة ستبقى إلى الأبد.

إن مثل هذه المبادرات ليست مجرد عرفانٍ بالجميل، بل هي رصيد وطني يعزز مكانة الإعلام السعودي، ويضيف للإعلام المعاصر جذوره وامتداده، ويمنح الأجيال الجديدة القدرة على استلهام الدروس من تجارب حقيقية صنعت الفرق ورسخت أن الإعلام كان وسيبقى إحدى أهم ركائز النهضة الوطنية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد