سلطان ابراهيم الخلف
كعادة الصهاينة، يستغلون الإعلام للتغطية على جرائمهم، فمن خلاله يقلبون الحقائق رأساً على عقب، ويجعلون من أنفسهم الضحيّة، مع أنهم هم المجرمون، والمعتدون، وغيرهم الضحية الحقيقيون، كالفلسطينيين الذين يعانون من احتلالهم على مدى سبعة عقود.
حاول الصهاينة جعل عملية طوفان الأقصى اعتداءً عليهم، منذ زيارة الرئيس الأميركي السابق بايدن، والزعماء الأوروبيين للإرهابي نتنياهو، بعد أيام من العملية، حيث استغلوها كمناسبة تعزيّة، يتباكون فيها، وينشرون من خلالها الأكاذيب، اتهموا الفلسطينيين المهاجمين بأنهم اغتصبوا النساء، وقطعوا رؤوس الأطفال، وقتلوا 1200 صهيوني، بينما الحقيقة تقول بأن الغالبية منهم سقطوا قتلى بذخائر ثقيلة، من طائرات الأباتشي التي استخدمت في مواجهة المهاجمين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى منازل الصهاينة لمقاومة الجيش الصهيوني.
ثم إن شبكات الصهاينة تحدثت فيما بعد عن هذه الحقيقة، وحمّلت الجيش الصهيوني المسؤولية، كما تم نفي تعرّض النساء للاغتصاب، أو قطع رؤوس الأطفال. وكل ما في الأمر أن الحملة الإعلامية تتطلّب الكذب، لتكون نواة للتداول الإعلامي، في تشويه صورة المقاومين الفلسطينيين. ومع ذلك لم تفلح تلك الحملة، فقد شاهد العالم مدى الوحشية التي ارتكبها جيش الصهاينة في غزة من جرائم قتل عشوائي سقط ما يقارب 200 ألف بين قتيل وجريح، ومن تدمير كامل لمعالم المدينة، لتتحول غزة إلى ركام، يعيش فيها 2.3 مليون فلسطيني بلا مأوى، وبلا عناية إنسانية.
لا يخفى أن منصات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في إفشال الحملة الصهيونية الإعلامية الكاذبة، حيث فضحت الجرائم الصهيونية في غزة، بالصوت والصورة، وتخطت القيود التي كانت تمارسها وسائل الإعلام الرئيسية في أميركا وأوروبا، التي تفرض التعتيم على الجرائم، وتدعم حرب الإبادة على غزة. ولعل منصة «التك توك» الصينية هي من أبرز تلك المنصات التي لعبت دوراً في فضح جرائم الصهاينة، حيث بلغ عدد المتابعين لها 180 مليون أميركي غالبيتهم من الشباب تحت سن الأربعين، ممن يطالب بقطع المساعدات عن الكيان الصهيوني، وفرض عقوبات عليه، ووقف حرب الإبادة على الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة لهم، الأمر الذي أثار الهلع لدى الصهاينة، وهو ما دعا الإرهابي نتنياهو إلى التصريح بهزيمة كيانه إعلامياً، وأنه حان الوقت لتبني منصات التواصل الاجتماعي، كأداة حرب بديلة، وطالب بالاستحواذ على منصة «تك توك»، حيث استجاب له الرئيس ترامب، وبادر بإجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الصيني، فتم قبول صفقة الشراء، مع مجموعة من المليارديرات الداعمين للكيان الصهيوني، وعلى رأسهم اليهودي الصهيوني لاري إليسن، المالك والمدير التنفيذي لمؤسسة «أوراكل» Oracle المتخصصة في البرمجة، والتي تعمل في إدارة البيانات السريّة للحكومة الأميركية، مما يتيح لـ«أوراكل» التجسس على بيانات المواطنين الأميركيين المعارضين للكيان الصهيوني من خلال منصة «تك توك»، وحجب انتقاداتهم، والسماح بالآراء المؤيدة للكيان الصهيوني وتبرير جرائمه في غزة. وهو ما يكذب ادعاءات الحكومة الأميركية من أن الاستحواذ على «تك توك» هو من أجل حماية الأمن القومي الأميركي.
مع ذلك، فإن الاستحواذ على «تك توك» لن يجدي نفعاً الكيان الصهيوني، بعد أن استقر في وعي الأميركيين والأوروبيين وشعوب العالم أن الكيان الصهيوني فاقد للمصداقية، وأنه مصدر الإرهاب، وعدو السلام والإنسانية.

