: آخر تحديث

أمن الخليج بين التكامل والردع الذكي

3
3
3

علي عبيد الهاملي

في خضم ما تشهده المنطقة من تطورات متسارعة، وتصعيد متنامٍ في التهديدات التقليدية وغير التقليدية، تتأكد الحاجة إلى رؤية خليجية شاملة للأمن الإقليمي، لا تنطلق من ردود الأفعال الآنية، بل من تخطيط استراتيجي بعيد المدى، يضع مصلحة الخليج ووحدته في صدارة الأولويات.

هذه الرؤية تبدأ من تعميق التكامل الدفاعي والأمني بين دول مجلس التعاون الخليجي، عبر تفعيل منظومة الدفاع المشترك، وجعل تبادل المعلومات الاستخباراتية آنيّاً وفعّالاً، بما يتيح الاستجابة المبكرة لأي خطر، إلى جانب تعزيز التحالفات الإقليمية والدولية مع القوى الكبرى، على أسسٍ تعيد تعريف شروط الشراكة، بحيث تراعي أمن الخليج ومصالحه أولاً، وتضع خطوطاً حمراءَ واضحةً لأي مساسٍ بالسيادة أو الاستقرار الداخلي.

الأمن الخليجي اليوم يواجه طيفاً واسعاً من التحديات، من بينها التهديدات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية، وحروب الطائرات المسيّرة، التي باتت سلاحاً منخفض التكلفة عالي التأثير، إضافة إلى التدخل الإعلامي والمعلوماتي الموجّه لزعزعة الجبهة الداخلية.

خيارات الردع الاستراتيجي كثيرة ومتعددة، لكن الفعالية الحقيقية، تكمن في المزج بين القوة الصلبة والمرونة السياسية. بناء قدرات دفاعية ذاتية متطورة، هو حجر الزاوية.

توسيع الشراكات الدفاعية والتدريبات المشتركة مع القوى الدولية والإقليمية، يشكل بدوره رسالة واضحة للخصوم، بأن أمن الخليج ليس شأناً محلياً فحسب، بل هو جزء من استقرار النظام الدولي.

لقد أثبتت حادثة انتهاك إيران لسيادة دولة قطر، إبان حرب الاثني عشر يوماً مع إسرائيل في يونيو 2025، أن الأمن الخليجي المشترك ليس شعاراً يرفع في البيانات والمؤتمرات، بل هو واقعٌ يمكن أن يتحرك على الأرض عند الضرورة.

إن مستقبل أمن الخليج لن يُصان بالخيار العسكري وحده، ولا بالرهان على التحالفات فقط، بل بمزيج متوازن من التكامل الداخلي، والقدرة على الردع، والانفتاح المدروس على الحوار، مع وضوحٍ تامٍ في الخطوط الحمراء. فالقوة بلا وحدة تُهدر، والوحدة بلا قوة تُستَضعف.

الخليج القوي، هو الخليج الموحّد، والخليج الموحّد، هو الخليج الآمن. من لا يملك قراره الأمني، لن يملك قراره السياسي، ومن لا يملك قراره السياسي، لن يملك مستقبله.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد