حمد الحمد
هناك قاعدة طبيعية بأن المجتمعات تشكل نفسها لا إرادياً، خصوصاً في تشكيل الأسرة التي بدايتها الزواج.
هذه الأيام يروّج البعض أفكاراً تحد من زواج المواطنين من غير مواطنات، لكن تلك الأفكار مقلقة، منها مثلاً إنْ تزوّجت أجنبية لن تصبح جزءاً من أُسرتك ولن تحصل على الجنسية، أو إذا اقترنت بأجنبية لن تحصل على قرض لبناء بيت، أو مستقبل أولادك وظيفياً عليه علامة استفهام.
أفكار تتعارض مع مسار المجتمعات، لأن المجتمعات ومنها المجتمع الكويتي، كل أسرة فيه تحرص على أن يتزوج ابنها من بنات البلد، وهذا الذي يحصل من دون أن تكون هناك قوانين مكتوبةُ تلزمه بذلك.
وهناك المثل الشائع (حلاة الثوب رقعته منه وفيه)، وهنا نجد في مجتمعنا معظم الزيجات من الداخل من بنات البلد، لكن يحدث أن يتزوج البعض من خارجه، وحتما قلة، وهذا طبيعي لا يعارضه، لا دين ولا عرف ولا قانون.
الصين في السبعينات أرادت أن تخفض عدد السكان واتبعت سياسة الطفل الواحد لسنوات، ورغم أنها خفّضت عدد السكان إلا أنها خلقت مشكلة أكبر، وهو أن العائلات راحت تجري عمليات إجهاض إذا كان الطفل، أُنثى.
لهذا زاد عدد الذكور عن الإناث حتى وصل بعد سنوات إلى ندرة الإناث للزواج... الصين عدّلت من الأسلوب من طفل إلى طفلين وبعد ذلك تساهلت، لكن الأمر خلق إشكالات داخل المجتمع لا يمكن علاجها، وما زالت الصين تعاني تبعات تلك القوانين اجتماعياً.
لكن ما زال في ذاكرتي قول عزت بيغوفيتش، رئيس البوسنة والهرسك السابق، يقول في كتابه الرائع «الإسلام بين الشرق والغرب»، بما معناه: هناك أمور لا تتدخل بها الدول، ومنها نسبة الذكور والإناث حيث في كل مجتمع هناك ما يقارب 50 في المئة ذكوراً و50 في المئة إناثاً. وهذه نِسب لا تتحكم بها أي جهة رسمية، إنما هناك تدخل وإعجاز إلهي.
ويقول مؤلف الكتاب: في ختام الحرب العالمية الثانية أصبحت نسبة الإناث في ألمانيا مرتفعة بنسبة كبيرة أعلى من الذكور، لفقد ما يقارب من 8 ملايين من الذكور بالحرب، لكن بقدرة إلهية ومن دون تدخل ومع مرور الوقت أصبحت أعداد الذكور تتزايد لا إرادياً، سنة بعد سنة حتى بعد سنوات قليلة تساوت النسب.
في الكويت بحسب القانون السابق، عندنا مشكلة في تجنيس النساء فقط كونها زوجة كويتي وتتقدم برغبة وهذا وضع غير طبيعي للتجنيس، حتى أوروبا وأميركا هناك تساهل بالتجنيس، وهناك شروط واضحة تنطبق على الذكور والإناث، أولاً يفترض من يريد أن يتجنس أن يدخل دورات لتعلّم وإجادة لغة البلد، وبعد ذلك دراسة تاريخ البلد والتقدم لامتحان وإذا نجحت تخضع لمقابلة، وإذا أصبح أو أصبحت مستحقة للجنسية تقسم أمام مسؤول على احترام قوانين البلد.
نحن فقط الزوج يقدم ورقة رغبة وتمر فترة وتجنس، ولا فرق بين من لها أصل خليجي أو عربي أو أصول غربية أو آسيوية... وكل مَن تقدّمت تحصل على الجنسية وهذا وضع غير طبيعي بالمرة.
التجنيس أمر واقع وطبيعي لكل بلد بحدود القانون والمصالح.
وسلامتكم وأتمنى أن تصل الرسالة.