سعدت وأنا أستمع لأحد المدمنين التائبين، يتحدث في إذاعة الكويت حول تجربة توبته من تعاطي المخدرات، ومشوار الإدمان الذي عاشه فترة من الزمن.
وسعدت أكثر بالثقة، التي كان يتحدث بها والعنفوان. عندما يتحدث المدمن للمجتمع بوضوح صوته وتقاسيم وجهه، فهو لا يواجه المجتمع والعالم فقط، بل هو يواجه ماضيه المؤلم، وأيضاً نظرات الناس وأحكامهم القاسية في كثير من الأحيان.
هو يعتبر نفسه جسراً يعبر من عليه آخرون يرغبون ويطمحون إلى التعافي، لأنه يحاول بحديثه ومواجهته للمجتمع بشكل مباشر أن يصنع فرقاً في نظرتهم له ولمن مثله.
نحن كمجتمع، هل دورنا أن نحاكمهم لماضيهم، أم نحترمهم على حاضرهم وشجاعتهم؟!
من يتعافى من الإدمان إنسان غير عادي، إنسان واجه وبقوه محيطه وذاته وتغلّب على الكل.
علينا أن نحترمهم على قرارهم وعزمهم على تحقيقه.
ما زالت مجتمعاتنا، وللأسف الشديد، تنظر للمدمن حتى وإن تاب وتعافى كـ«مجرم» أو «منحرف»، متناسين وغير مدركين أن الإدمان مرض نفسي وسلوكي، وليس مجرد انحراف أخلاقي.
رحلة التعافي من الإدمان صعبة ومعقدة، وتتطلب شجاعة، ودعماً، وعلاجاً، وعندما يواجه المدمن المتعافي المجتمع بصوته وصورته، فهو اعتراف صادق منه بأنه إنسان أخطأ يوماً ما، واليوم قرر أن يكون عبرةً لا عاراً، وهو يحاول أيضاً إنقاذ آخرين كانوا في مكانه السابق.
المدمن المتعافي بحاجة إلى ألا يُذكِّره الآخرون دائماً وفي كل لحظة بماضيه، بل هو يحتاج إلى من يحتضنه ويشجعه، ويكون وراءه عندما يضعف.
المدمن مريض وليس مجرماً، وعليه، فالعلاجات يجب أن تركز على النواحي النفسية والمجتمعية.. والدوائية إن احتاجها.
إقبال الأحمد