: آخر تحديث

أحمد مطاعن.. شيخ الثقافة وعقل الشعر في عسير

3
3
3

عبده الأسمري

اعتلى «صروح» الشعر وانتشى «طموح» الشعور حتى كتب جملته الإسمية من مبتدأ «الأحقية» وخبر «الأسبقية» فكان الضمير «المتصل» لأفعال «الضياء» والفاعل «المرفوع» بالقيمة في قواعد «الأدب» والاسم «المشفوع» بالمقام في «متون» الثقافة.

توشمت روحه برياحين «القرى» وتعطرت نفسه بعناوين «الضحى» وظل يسكب قصائده «عطراً» في سماء «النظم» ويسبك عباراته «نثراً» في أفق «الوصف».

أجاد صناعة «الدهشة» بمزيج فريد من «فطرة» سوية و «نظرة» ثاقبة و«عفوية» صادقة شكلت له أضلاع «الشعور» فكان «الابن البار» و»السليل» السار الذي أشعل «قناديل» البهجة» بين مدارات «الذاكرة» ودوائر «الاستذكار».

إنه الشاعر والأديب أحمد بن إبراهيم مطاعن - رحمه الله- أحد أبرز الشعراء والأدباء في الوطن والخليج.

بوجه «ألمعي» ذي تقاسيم «جنوبية» تتقاسم «الشبه» بين والده وأخواله ومحيا عامر بالفضل وغامر بالنبل وأناقة تعتمر البياض وتشكيل هندام شخصي مسجوع بشخصية لطيفة الجانب شيقة «الحضور» أصيلة السمات وكاريزما مسجوعة بالطيبة والهيبة وصوت مسكون بلهجة «تهامية» مكتظة بمفردات «عميقة» الأصول «وعبارات» أنيقة «الفصول» مع مخزون» أدبي» فاخر بالقوافي ومكنون «ثقافي» زاخر بالنصوص مع لغة فصيحة تتجلى في «إضاءات» معرفية و»إمضاءات» شعرية تتعامد على «قصائد» راسخة العناوين راسية «المعاني» وخبرة «عملية» قضاها في خدمة «الوطن» بين وظائف «التنمية» ومناصب «الترقية» قضى مطاعن من عمره عقود وهو ينثر «عبير» الأثر في دروب «النماء» وينشر «أثير» التأثير في محافل «الانتماء» شاعراً وأديباً ومؤلفاً ومسؤولاً رسخ اسمه في «قوائم» المؤثرين وأبقى صيته في «مقامات» البارعين.

في أبها «عروس الجنوب» الزاهية بزف «الأدباء» إلى أعراس «الثقافة» ولد عام 1927 في نهار شتوي معطر بضباب» الشروق ومسطر بأثير «الأصيل» بين عائلة قادمة من قرى «رجال ألمع» الدرة المكنونة الماكثة في أحضان «تهامة عسير» وتفتحت عيناه على «أب وجيه» كريم مشهور بين قومه بسخاء اليد وصفاء القلب وأم متفانية عرف عنها حب الخير ولين الفؤاد وخضع طفلاً لنصائح والده وعاطفة والدته حيث تكاملت في ذهنه موجبات «التوجيه» وعزائم «الدوافع».

تسربت إلى وجدانه «الحكايات» المروية في مجالس «الطيبين» من أبناء عشيرته وترسخت في داخله «المرويات» المحفوظة في صدور «الأجداد» من سلالة قومه فتماثلت في طفولته واجبات «الاقتداء» التي ظل يلاحق إشعاعها بين ثنايا «الزمان» متوشحاً ذكريات «أولى» رسمت له خرائط «ذهنية» مثلى بين الحنين واليقين.

انجذب في صباه إلى قصص «العابرين» على عتبات «الترحال» بين السراة والسهل مردداً أناشيد الرعاة والحماة بين «الحقول» ومرتباً مواعيد «الأمنيات» على أسوار الدوافع متوشحاً رداء «الطفولة» الغض المطرز ببياض «النوايا» وصفاء «الداخل».

ركض طفلاً مع أقرانه بين أحياء الطبجية والخشع وشمسان مرتقباً قوافل القادمين على «أجنحة» السفر والمغادرين بين «مسافات» الاغتراب..

ارتدي مطاعن جلباب البراءة وتشرب من وعاء «المروءة» وكبر ونشأ محفوفا برائحة البرك والشذاب والريحان التي ظلت تقترن بهندامه في عنوان «منفرد» من تفاصيل عشق الأرض وعبق المكان.

اقتنص مطاعن ومضات «الشهامة» في سحن «البسطاء» وظل يرتقب من» فضاءات» الزمن معالم النباهة الجنوبية والوجاهة القروية التي كانت تضع «الكرم «عنواناً لكل تفاصيل العيش وتجاذب مع رائحة المطر في مساءات «الخريف» وتعانق مع عبير «الندى» في صباحات «الصيف» فكان على موعد مع «تراتيل قروية مذهلة» تمثلت كالطود «الراسخ» أمام عجلة العمر.

انتظم مطاعن في التعليم العام وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1941م وظل يوثق في أوراقه تلك «الخواطر» التي تحولت إلى قصائد منظومة ونثرية تراقصت على أنغام» الرصد وتوغلت في حيز «التأليف» في مشروعات لاحقة تزاحمت على مرأى الإنتاج.

واصل دراسته وحصل على شهادة كفاءة معهد المعلمين وانتظم في دورات إدارية بمعهد الإدارة..

بدأ حياته العملية موظفاً في شرطة أبها عام 1953 واستمر ينمي مهاراته ويسخر قدراته حتى تعين على منصب رئيس بلدية أبها عام 1985م.

واصل مطاعن حضوره الزاهي بدوافع «المرحلة» ومساعي «المهام» وتفرغ للشعر والأدب والمعرفة وكان من المؤسسين لنادي أبها الأدبي وتعيّن نائباً لرئيس النادي واختير عضواً في عدة قطاعات ولجان، ومنها لجنة أصدقاء المرضى ومجلس إدارة مصلحة المياه والصرف ومجلس منطقة عسير، ولجنة التنشيط السياحي وغيرها.

تواجد مطاعن كرقم «صعب» ووجه «مميز» في محافل الثقافة بصفته «الأدبية» ووصفه «الاعتباري» متكئاً على رصيد «مديد» من المعارف والمشارف.

أبدع في الشعر وتميز فيه وغاص في بحوره وأصطاد من كنوزه أجود الألحان الشعرية التي نطقت بها قصائده الشهيرة، وقام بتأليف عدد من الدواوين الشعرية: مثل دورة الأيّام وملحمة المجد وأصحاب الشمس، وقصائد خالدة وألف عددا من الكتب المختلفة في مجالات أخرى وهي رجال ألمع: الأرض والإنسان والتاريخ وقطرات من عرق الماضي، سيرة ذاتية وعقود من الابتسامة والعطاء.

وقد جهز في منزله مكتبة ضخمة ضمت جميع الإصدارات الثقافية لأدباء وأديبات منطقة عسير، وعدد من الوثائق والمخطوطات التاريخية والاجتماعية وشارك في الكثير من المناسبات والبرامج المسموعة والمرئية، وكان له حضوره الفريد في الصحافة والإعلام

تم تكريمه في عدد من المناسبات حيث أقر رؤساء مجالس إدارات الأندية الأدبية اختياره كشخصية العام الأدبية عام 2017 في محضر اجتماعه في ضيافة نادي المنطقة الشرقية الأدبي في مدينة الدمام، وكرّمه نادي أبها الأدبي في أمسية بتاريخ سبتمبر 2011 .

انتقل مطاعن إلى رحمة الله في ديسمبر عام 2021 عن عمر ناهز 94 عاماً، وورى جثمانه ثرى مدينة أبها التي شهدت خطواته الأولى وشبابه وكل مراحل عمره الذي قضاه في العلم والمسؤولية والأدب والثقافة والتوثيق، وقد نعاه رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي أبها الأدبي وجمعية الأدب وهيئة الصحفيين في عسير وعدد من الأدباء والمثقفين من الوطن ودول الخليج والعالم العربي، واقترنت عبارات التعازي والمواساة والرثاء بمآثر الراحل وسيرته الحافلة بالعطاء الثقافي والسخاء الأدبي ونشرت عنه وسائل الإعلام ووسائط التواصل وكتب تلامذته ومحبيه الكثير من «المقالات» عن شخصيته وأثره ومسيرته.

أحمد إبراهيم مطاعن شيخ الثقافة ووجه الشعر الأصيل، صاحب السيرة «المضيئة» بشعاع الأدب والساطعة بضياء المعرفة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد