: آخر تحديث

لا بديل عن الحوار السلمي

5
4
4

خالد بن حمد المالك

لم تعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية حرباً ثنائية، فقد شاركت فيها الولايات المتحدة الأمريكية بقوة لتتحول وبشكل مباشر إلى حرب ثلاثية، فضلاً عن وجود لاعبين آخرين وإن كانت مشاركتهم ليست مباشرة، وهذا ما كرَّس التصعيد الذي كان هناك من يحذِّر منه، وبينها المملكة.

* *

ولم يكن التدخل الأمريكي في هذه الحرب مفاجئاً، فقد هددت أمريكا وطالب رئيسها إيران قبل تدمير مواقعها النووية بالاستسلام دون أي شروط، وإلا سيكون تدخل القوة الأمريكية أمراً لا مفر منه، وهذا ما حدث.

* *

كانت كل الأطراف أمام فرصة للسلام، اعتماداً على الأخذ بمبدأ الدبلوماسية، وطاولة الحوار، وتغليب السلام على الحرب، والقبول بما يمنع استمرار القتال، وبالتالي منع استمرار الخسائر، وحقن دماء الأبرياء، غير أن أياً من إسرائيل وأمريكا وإيران لم يكن عنده الاستعداد لتحكيم العقل، والتوجه نحو دفن الفتنة، وتعزيز السلام.

* *

كان مخططاً لهذه الحرب بعناية كبيرة، وكانت بدايتها قد انطلقت من تل أبيب، بضربات مفاجئة قتل فيها من قتل من قيادات الجيش الإيراني والعلماء النوويين، إلى جانب الخسائر الأخرى التي استدعت إيران للرد ليكون استمرار الحرب على مدى عشرة أيام بين الجانبين قبل انضمام أمريكا لها.

* *

الآن وبعد كل ما حدث، هل من مصلحة الثلاثي أن يواصلوا الحرب، ويستمروا في التصعيد، فيدفعوا المنطقة، وربما العالم إلى تلقي الكثير من الأضرار، والتجاوب من ردود الفعل هنا وهناك، بما يزيد من القتلى والخسائر في كل جانب، بينما يمكن تطويق هذا الصراع بالحوار والتفاهم، والنأي عن كل تصرف لا يخدم إحلال السلام.

* *

أعرف أن إيران ضُربت في مقتل، حين باغتها الإسرائيليون ببدء الحرب، وقتل أعداد من كبار قادة جيشها وعلمائها في المجال النووي، وأعرف أن أوجاعها تضاعفت حين دخلت أمريكا طرفاً في هذه الحرب، ولكن هل لدى إيران القدرة على مواجهة هاتين الدولتين، وهي المنهكة، وهما الأقوى عسكرياً، لتواصل القتال، أم أن عليها القبول بما انتهت إليه متى قبلت إسرائيل بالتوقف عن هجومها على إيران.

* *

هكذا هي الحروب نصر وهزيمة، مع أضرار كبيرة حتى للطرف الذي يكون قد كسب المعركة، ولا بد لمن لا يملك القدرة التسليحية أن يقبل بالواقع، حتى لا تتفاقم خسائره، وحتى لا يكون قبوله بالأمر الواقع متأخراً، وفي هذا لا يمكن لإيران أن تكون قادرة على مواجهة أمريكا وإسرائيل في حرب استخدمت فيها كل هذه الأسلحة المتطورة.

* *

إن امتلاك إيران لمفاعل نووي -وهو مرفوض عالمياً- لا يشكِّل أهمية لإيران إذا ما قيس ذلك بحجم الخسائر التي كان سببها، ولا يستحق كل هذه التضحيات التي قدمتها طهران، ومن مصلحتها أن تكون دولة غير نووية، فترفع العقوبات عنها، ولا تكون هناك حجة لإيذائها بحروب على هذا النحو الذي نراه.

* *

ومن المهم أن تنصرف طهران إلى ما يعزِّز علاقاتها بدول المنطقة الذين تربطهم بها علاقات الدين، والأخوة الإسلامية، لأن في ذلك ضمانة لها في تحسين وضعها السياسي والاقتصادي، ويمكِّن مواطنيها من العيش بأمن وأمان واستقرار.

* *

إن ما قامت به أمريكا، وقبلها إسرائيل من هجوم مرفوض وغير مقبول، ولا يساعد على الأمن والسلام، ولا بد حين وجود خلافات وسوء فهم الاحتكام إلى المرجعيات القانونية للفصل في القضايا موضع الخلاف.

* *

ولا بد أن يُقابل ما أقدمت عليه الولايات المتحدة الأمريكية باستهدافها للمنشآت النووية الإيرانية بقلق واستنكار وإدانة، كون ما حدث انتهاك لسيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة، وكما كان موقف المملكة الثابت في كل بيانها، فمن الضروري بذل كافة الجهود لضبط النفس، والتهدئة، وتجنب التصعيد، ومضاعفة الجهود في هذه الظروف بالغة الحساسية للوصول إلى حل سياسي يكفل إنهاء الأزمة، بما يؤدي إلى فتح صفحة جديدة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد