: آخر تحديث

سفارتنا في أذربيجان وقيمة الهوية السعودية!

4
3
3

محمد بن عيسى الكنعان

كتب الله أن أكون ضمن الركاب السعوديين الذين علقوا بمطار حيدر علييف الدولي في باكو عاصمة أذربيجان، يوم الجمعة 13 يونيو 2025م (17 ذي الحجة 1446هـ)، وذلك على خلفية إلغاء الرحلات المغادرة من المطار؛ بسبب الاعتداءات الإسرائيلية على الجمهورية الإيرانية فجر اليوم ذاته، ما أدى إلى إغلاق المجال الجوي لأكثر من دولة في منطقة الشرق الأوسط وبالذات البلاد العربية.

غير أن ذلك الوضع المحرج لم يدم طويلًا بالنسبة لنا نحن الركاب السعوديون، بل لقد تبدد القلق سريعًا، وانعدم الخوف تمامًا عندما وصل رجالنا من السفارة السعودية في أذربيجان (نائب السفير وفريقه)، الذين لم يترددوا بالاستجابة السريعة لاتصالاتنا؛ حيث أكدوا لنا ألا نقلق فنحن في رعاية تامة، ومتابعة متواصلة من قِبل دولتنا، وأنهم سيعملون لأجل إعادتنا إلى أرض الوطن بأسرع وقت ممكن. وبالفعل كانوا على قدر المسؤولية، وحسن التصرف والترتيب، والعمل على قدر كبير من الاهتمام بكل راكب، فتم حصر أسمائنا، ومن ثم ترتيب نقلنا بحافلات خاصة إلى فنادق فخمة، بدايةً بالعائلات ثم الأفراد، ولك أن تتخيل ركابا بأعداد كبيرة لرحلات مختلفة (جدة والرياض والدمام)، مع ذلك لم نسمع من موظفي السفارة كلمة تذمر حتى لو كانت عفوية، أو علو صوت، بل على العكس كانوا على قدر كبير من اللباقة، والتعامل الراقي، وسعة الصدر وسط أجواء مرتبكة وظروف صعبة، فلا تسمع إلا (أبشروا)، ولا يردون إلا بـ(سم)، ولا يطلبون منا إلا (الصبر) حتى يقوموا على خدمتنا وفق آلية متبعة لديهم تراعي العائلات ثم الأفراد.

كل ذلك الاهتمام والترتيب من قبل السفارة، بينما نحن الركاب -وأقولها بحق- لم نكن جميعنا متعاونين بالقدر المطلوب، فلم نكن مجتمعين في مكان واحد بالمطار، أو ملتزمين بالبقاء بمكان معين، لدرجة أن موظف السفارة المعني بإحصائنا أجرى التعداد أكثر من مرة، وكان يتنقل هنا وهناك، ويسأل هذا وذلك، حتى تم الأمر بنقلنا جميعًا -عائلات وأفرادا- في حافلات مكيفة وخاصة إلى فنادقنا التي تم الحجز فيها من قبل السفارة السعودية؛ حيث كان في استقبالنا أحد موظفيها، الذي أشرف على تسليمنا بطاقات الغرف الراقية بشكل سريع وطريقة سلسة، بل البقاء معنا لأي استفسار أو طلب أو ظرف طارئ. كما كان يتابع معنا أولا بأول، ومن جهةٍ أخرى مع السفارة بشأن مسألة عودتنا حتى أخبرنا أن هناك رحلة ستغادر مطار حيدر علييف فجر السبت 14 يونيو 2025م، ما يتطلب عودتنا إلى المطار بعد 6 ساعات قضيناها في الفندق. وفعلًا رجعنا إلى المطار وفق الموعد المحدد، وتمت إجراءات سفرنا وعودتنا إلى أرض الوطن، بإشراف سفارتنا، وبوجود سفير خادم الحرمين الشريفين في أذربيجان بذاته.

حقيقةً؛ لحظات استثنائية لا يمكنك فيها إخفاء شعورك بالفخر والاعتزاز، وأن تعيش واقعًا حقيقيًا يُعبّر بصدق عن قيمة هويتك السعودية، ويبرهن على قوة تأثير الجواز الأخضر، وأنت ترى كيف سخّر وطنك إمكانات سفارته لك، ومن أجل رعايتك، وحمايتك، والعمل على عودتك آمنًا إلى بيتك وأهلك. هنا تتجلى عظمة الدول في تعاملها مع رعاياها فوق كل أرض وتحت كل سماء، وهكذا تتصرف الدول الكبيرة في قيادتها، وحجمها، وتأثيرها، بل هكذا تكتب السعودية اسمها دومًا بلغة المجد فوق هام السحب وعلى صفحات البحار.

إزاء هذا المشهد بمراحله وتفاصيله، لا تملك إلا الحمد والشكر لله سبحانه على فضله ومنّه بهذا الوطن العظيم -المملكة العربية السعودية- وبقيادته الرشيدة ممثلةً بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -يحفظهما الله- هذه القيادة التي جعلت المواطن في رأس أولوياتها داخل المملكة وخارجها. وفي هذا المقام لا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لأبناء بلدي في سفارتنا بأذربيجان، سعادة السفير عصام الجطيلي، ونائبه طلال المحمدي، وسامي الشدوخي، وفهد الشمري وبقية موظفي السفارة ممن لم يحضرني اسمه، ممن عمل خلف الكواليس ولم نتشرف بلقائه؛ فلقد كانوا العون والسند وعنوان المرجلة. والشكر موصول لوزارة خارجيتنا بإدارة صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان -حفظه الله- التي تعمل على رعاية أبناء الوطن وبناته بكل أرجاء الأرض في ظل توجيهات قيادتنا الرشيدة. ودام عزك يا وطن.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد