: آخر تحديث

مسافرون إلى البيرو

10
7
6

 

تعلمنا منذ صغرنا عدد القارات، ونسمع كثيراً عن عدد الدول، واختلاف جغرافيتها، ومكانتها، وانفتاحها على العالم الذي يتعدى حدود أسوارها، قبل أيام استقللْت مع عدد من المسافرين من دول الخليج، مختلف شركات الطيران، في تفاوت لعدد الساعات وال«ترانزيت» لنصل كلنا إلى وجهة واحدة، في أمريكا اللاتينية، إلى بيرو، في رحلة خاصة بتنظيم الرحالة الكويتي «مساعد البنوان»، والذي انطلق بفكرة ترتيب رحلات ذات مستوى خاص، منذ 8 أعوام، وقد تخصص في رحلات أمريكا اللاتينية، تلك الدول التي يستصعب الكثيرون منا السفر لها، لقلة الرحلات المباشرة، وفقر بعض دولها للبنية التحتية، هي دول تشترك معنا في الكثير من الثقافات والقيم، في تقدير قيمة الأهل، التواصل، والتماسك، وتنسجم معها بحب، لأنها شعوب تحبّ الحياة، مبتهجة، رغم ظروف الحياة التي قد تبدو لنا جدّ قاسية، لكنه الرضا بما لديهم، والتأقلم مع كل الظروف..!

كنا ما يقارب ال 27 شخصاً، من الإمارات والسعودية والكويت وقطر نختلف في وعينا، في تخصصاتنا، في مناصبنا، في خلفياتنا، لكننا مشتركون في أمر مهم جداً، أننا هنا لنستكشف عالماً كثيراً ما سمعنا عنه، لندرك ما خلف الخليج العربي والمحيط الأطلسي، لنعيش تجربة مختلفة عما تعودنا عليها، تجربة إنسانية، في فهم عميق لما تعيشه الأمم، والتعرف إلى ثقافات تعيش على بعد آلاف الأميال عنا، تحقيقاً لقوله تعالى: «إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا».

في بيرو- كوسكو عشنا ببساطة، اندمجت أرواحنا لتبوح بما في دواخلنا، في اندماج مع حياة أهلها، في احتفالاتهم التي تخلو من المبالغة، لكنها غنية بالمتعة والفرح والسعادة، لا يمكن أن تدخل بين تلك الجموع التي تحتفل بشغف دون أن تفرح، دون أن تقول لنفسك، الحياة فيها الكثير لأشكر الله عليه ونقبل عليها رغم كل ما تمر به من ظروف وقساوة في بعض الأحيان.

في «ماتشو بيشو» مدينة الإنكا، وتاريخ طمس بيد أهلها حماية لها، تلك المدينة التي كانت مغمورة، عاش فيها القساوسة، علماء الفلك وأناس ذوو رؤية، مدينة تحيط بها الجبال، وتحتضنها كأمّ تحمي أغلى ما لديها، كنا في البلكونة العالمية ضمن تصنيف «ناشيونال جيوغرافيك»، لحظات تأمل هادئة، أسرتني، وجعلتني أغمض عيني وأفكر كيف عاش من كانوا هنا، وتفوّقوا على ظروف حياتهم وأحدثوا تاريخاً فارقاً، وحين غزاهم الإسبان، هدموا المداخل وهجروا المكان، وكأن القرار الأهم ألّا يُطمس تاريخهم ويحرّف، ونحن نقف على الأطلال، كلي يقين أن خاطراً جال في بال الكثيرين: هل يوماً نكون مثلهم جزءاً من تاريخ يستحق أن يذكر غداً؟ كل امرئ منا لربما فكّر هل اجتهاداتنا تكفي لأن يكون لنا أثر وبصمة في هذه الحياة أو حتى في حياة أحدهم؟ 

في كل تفاصيل الأماكن التي مررْنا بها، كان التذكير الأكبر أن الحياة تكون في تقدير حضاراتنا المختلفة ومشاركة ما لدينا لنكون منظومة إنسانية مستحقة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد