موسى بهبهاني
نحنُ على مشارف أيام قليلة لنحتفل بعيد الأضحي المبارك، ومن سمة عيد الأضحى بأنه يتوهّج بالفرح والسعادة والبهجة بهذه المناسبة المميزة (عيد الحجيج) لبيت الله الحرام.
تتميز أيام العيد الكبير بالفرح والسرور في نفوس الصغار والكبار، حيث يجمع شمل الأهل والأحباب، ويزيد من صلة الرحم.
ويتم فيه التواصل وتبادل الزيارات بين العوائل الكريمة وتلقي التبريكات والدعوة إلى وجبة الغداء وتلك العادات متوارثة جيلاً بعد جيل، ناهيك عن أداء صلاة العيد في المساجد والساحات المتعددة في كل المناطق.
وهناك من يشد الرحال ويسافر إلى دول أخرى لقضاء إجازة العيد، والبعض الآخر يتوجه إلى الشاليهات - المزارع - المطاعم للترفيه وتغيير الأجواء الروتينية ويفرح الأطفال بتلك الفعاليات المتنوعة.
وبالطبع يحرص الوالدان على شراء الأثواب الجديدة لأبنائهم بتلك المناسبة.
الشباب يتوجهون إلى صالونات الحلاقة لقص الشعر، وارتداء الملابس الجديدة، والبنات يرتدين الأثواب الجميلة والحلي وتخضيب اليدين والقدمين بالحناء وهي من مظاهر مستلزمات زينة العيد.
وعادةً يتم استقبال عيد الأضحى المبارك في المجتمعات الإسلامية بذبح الأضاحي وتوزيع اللحوم على الأقارب والفقراء والمحتاجين بهدف التبرك وتقاسم الخير في تلك المناسبة المباركة.
وأخيراً بعد تقديم التهاني بالعيد يقدم إلى الأبناء العيدية (النقود) كهدية وبالطبع تلك النقود لها طابعها الخاص بالإضافة إلى تناول أنواع من الحلويات والكعك اللذيذ.
بينما نعيش هذه الفرحة المنقوصة بين الأمل والألم نشاهد العيد في غزة المنكوبة، كيف يحتفلون بالعيد!
لا ثياب ولا أمل ولا سعادة، ولا سقف يظلهم، ولا أرض تؤويهم، يلتحفون السماء ويتدثّرون بالغُبار في ظل الخوف والقلق والألم والرعب وفقد الأحبة...
نتساءل:
هل يحتفل أبناؤهم بالعيد؟
هل يتم شراء الملابس الجديدة؟
هل يتم تخضيب الفتيات بالحناء؟
هل يجتمع شمل العوائل في العيد؟
هل يتم ذبح الأضاحي؟
ما نشاهده:
- الاحتفال يكون بارتقاء قوافل الشهداء اليومي
- الملابس قديمة وبالية
- الطعام غير موجود بسبب الحصار الاقتصادي الخانق
- تخضيب الفتيات يتم بدماء الشهداء
- فرقوا شمل العوائل بالقتل
- ذبح الإنسان بدلاً من الأضاحي
فهؤلاء الصهاينة، لعنهم الله، انتهجوا الإبادة الجماعية والمذابح العلنية وهدم المباني وحرق المخيمات والملاجئ الآمنة وتدمير المدارس والمستشفيات لترويع المدنيين وتنفيذ خطتهم المقيتة لطرد المدنيين الفلسطينيين إلى خارج وطنهم المغتصب.
فكيف يحتفل أبناؤهم بالعيد؟!
يستقبل القطاع أيام العيد المبارك، بالمزيد من المجازر الفظيعة بالإضافة إلى القصف اليومي مخلفاً المزيد من الشهداء، وتفاقم الأزمة الإنسانية نتيجة الحصار والانهيار الكامل للبنية التحتية وللمنظومة الصحية.
العيد... تحت القصف وبطعم الفقد
نستذكر عيد الفطر السابق قبل شهرين، وبالرغم من المجازر المستمرة أصر العديد من أهالي غزة على أداء صلاة عيد الفطر بين أنقاض المباني المدمرة وفي المساجد التي تضررت بفعل القصف، وتوجه غالبيتهم إلى المقابر لزيارة الشهداء الأبرار في مشهد مميز يعكس حجم المأساة التي يعيشها أهالينا في القطاع المحاصر في أول أيام العيد.
حيث يعلو صوت (الله أكبر) فوق صوت القذائف والقنابل.
أين أنت أيها المتنبي عندما نظّمت تلك القصيدة الرائعة، وقد كنت مهموماً تحف بك الأحزان وتزامن ذلك مع حلول عيد الأضحى المبارك:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دُونَهُمُ
فَلَيتَ دُونَكَ بيداً دُونَها بيدُ
فماذا عساك أن تقول في زماننا الحالي وأنت تشاهد تلك المشاهد المؤلمة؟
وقفة:
- لكل من يروج بأن هؤلاء الصهاينة القتلة مظلومون ويصوّرهم كأصدقاء نقول لهم:
راجعوا أنفسكم وانظروا بماذا وصفهم الرحمن.
قال المولى عز وجل:
«لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا».
وقد وصفهم الله سبحانه في كتابه بأنهم قتلةُ الأنبياء والأولياء:
«إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ».
وأنهم سمّاعون للكذب:
«وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ».
«سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ»
طواغيت يتعاطون الربا، ينقضون المواثيق، ويصفون الله تعالى بالنقائص:
«وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ»
والخيانة من طبائع اليهود الملازمة لهم، والخيانة تكون في كل ما يُؤتمن عليه الإنسان من مال وعِرض ودين وعهد.
وقد خانَ اليهودُ أمانتِهم في الأموال، فقال تعالى عنهم:
«وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً».
قيل: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، اعذرونا يا شعب غزة فما باليد حيلة ولا نملك إلا الدعاء والتضرع إلى المولى عز وجل بأن ينصركم ويثبت أقدامكم، فنحن أمام ما يسمى بالنظام العالمي المتغول علينا بأدواته السياسية والاقتصادية، فالأمة الإسلامية في حال الضعف والسكينة، وبإذن الله ستنتفض وتعود كما كانت على كلمة سواء حينها سيرتعد الصهاينة الانجاس خوفاً ورهبةً.
ختاماً،
نسأل المولى عز وجل أن يجمع شملنا وقلوبنا على طاعته، وألا يجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، واخذل الكفار واليهود والظالمين، وأرنا في اليهود وأحلافهم وأعوانهم نكالاً يا رب العالمين.
اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.