: آخر تحديث

هواية الاصطياد في المياه الآسنة

10
8
7

بعد «نتائج ممتازة» لزيارة الرئيس اليمني رشاد محمد العليمي إلى موسكو، بناءً على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رجع الأول إلى عدن، عقب «زوابع في فناجين» التواصل الاجتماعي اليمني، جرّاء حديثه إلى قناة «روسيا اليوم»، عما أصاب طائرات الخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء خلال شهرَي أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الفائتَيْن، نتيجة الإعادة الاضطرارية لتلك الطائرات إلى صنعاء في مراحل سابقة تجنباً لضرب بقية المطارات اليمنية حسب إنذارات «جماعة أنصار الله» - الحوثيين للشرعية عبر الوسطاء. ما من شك أن ثمة طرقاً وسبلاً تنتهجها كل سلطة لدرء الضرر، اتباعاً للقاعدة الشهيرة «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، لا سيما في أثناء هذه الوضعية المشهودة في اليمن، واستحكامها بتعقيدات لا تُفككها منشورات ناشط «فيسبوكي»، وتغريدات أو «تأكيسات» مؤثر إعلامي، أو «مواتسات: رسائل (واتساب)» وتنظيرات عامة المتفرجين، وفيديوهات صناع المحتوى. هذا لأن خوارزميات ومختبرات وسائل السياسة مختلفة تماماً عن خوارزميات وطبخات حملات وسائل التواصل. على الرغم من عدم الميل الشخصي إلى أي خطاب تشهير يضاعف شهرة الخصوم، ويجعلهم يبدون أكثر قدرة على التأثير، ويحيلهم إلى أساطير في أذهان الجماهير، من دون أن يدري المُشَهِّرون بخدمتهم المجانية هذه... رغم الاختلاف عن هذا النهج، غير أن الأزمة اليمنية «اليمننة» بأبعادها كافّة تستوجب العرض المتفهم لما نجم عنها من تطورات و«تدهورات» دفعت مجلس القيادة الرئاسي خلال هذه المرحلة إلى اتباع نهج «الإحراق» و«الإخناق» بمد الحبال إلى عنق الحوثي ليشدها «بيديه لا بيدي عمرو». هذا ما يبدو أنه يحدث منذ بدأت هدنة أبريل - مايو 2022، ومن قبل، ميسراً تمادي الجماعة الحوثية حتى أضفت على ذاتها:

ألقابُ مملكةٍ في غير موضعِها

كَالقطِّ يحكي انتفاخاً صولةَ الأسدِ

من دون أن تدرك الجماعة أنها تحترق الآن، وتخنق نفسها بنيران ودخان مطار صنعاء وحطام الطائرات، مكتفيةً بتوهم الانتصار خارج المجال اليمني. بما أن الوهم ومثله القناعات حقوق متاحة ومشاعة للجميع، فإن بعض مثيري زوابع وسائل التواصل أيضاً مقتنعون بأن الشرعية ليست في أحسن حالاتها، لكنهم لا يدرون ولا يدركون كذلك أن العناصر «غير الشرعية» ليست في أقوى حالاتها مهما انتفخت معاطسها بغرور اللحظة والتشهير بها حتى أنِسَت إلى تخيل امتلاك القوة والتفوق على غيرها. ما تتجنبه الشرعية اليمنية وتدرؤه «ليس ضعفاً، بل احترام للالتزامات» يقول رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر؛ وهذا ذات ما عناه الرئيس العليمي بحديثه الذي أثار بجزئيةٍ منه عاصفةً من موسكو تستهوي من يتجنّبون ثمرات لقاء الرئيسَيْن النظيرَيْن بوتين - العليمي، وما استهدفته زيارة الأخير من: توثيق للعلاقات، وتنويع للصداقات، مع إبراز واعتزاز بكل الأدوار الفاعلة لمصلحة اليمن والمنطقة. هكذا، لم يكتفِ الجانبان الروسي واليمني بمجرد صور لقاءات وابتسامات وهز رؤوس، بل أعلنا استئناف إجراءات مباشرة تخص مجالات دبلوماسية واقتصادية وثقافية. وبما يتجاوز الوقت المحدد عُقدت اجتماعات مغلقة على مستويات عليا ومتخصصة بحثت مطولاً مسائل أمنية وعسكرية، فضلاً عن بروز استعداد روسي للوساطة بما قد يخفّف العناء من غلواء العنف والتطرف وشيوع الأوهام. هواية الاصطياد من عكر المستنقع، تغلب رغبة الاصطياد من نهر «موسكفا». ومَن تثيره زوابع الفناجين لا تعنيه رياح العمل الهادئة؛ لذا يهتم ببعض ما قيل داخل موسكو أكثر مما بدأ فعله هناك... ربما!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد