: آخر تحديث

حدّث رجل من بني تميم

9
7
6

عبدالله خلف

حُكي عن إسحاق بن إبراهيم، عن الهيثم بن عدي، قال حدّثنا رجل من بني تميم، قال خرجتُ في طلب ناقة لي، فوردت على ماء من مياه طيء، فإذا بعسكرين، وإذا في أحد العسكرين شاب مُدْنفٌ قد نهكته العلة فهو كالشَّنِّ البالي، فدنوتُ لأعرف خبره فسمعته يقول:

ألا ما للمليحة لا تعود

أسُخْط بالمليحة أم صُدود

مرضت.. فعادني أهلي جميعاً

فمالكَ لا تُرى فيمن يعودُ

فقدتُكِ بينهم فتلفتُ شوقاً

وفقد الإلفِ يا سَكني شديدُ

فلو كنتِ المريض لجئتُ أسعى

إليكِ ولم يمنعني القعود

ومن ذلك، ما حُكي عن إسحاق الرافقي، قال كنت في مجلس بالرقة وجماعة من القيان.. ومعنا فتى كأهيأ من رأيت من الفتيان وعليه أثر زلة الهوى، يديم البكاء والأنين فغنّت إحداهن:

إني لأبغض كل مُصطبرٍ

عن إلفه في الوصلِ والهجرِ

الصبر يَحُسُنُ في مواطنه

ما للفتى المحزون والصبر

فنظر إليها الفتى، وتبادرت عَبراتهما.. ثم وثب على قدميه ووضع يده على رأسه وقال:

غداً يكثُرُ الباكون منا ومنكم

وتزداد داري من دياركم بُعْداً

ثم سقط باكياً..

ومن ذلك ما حُكي عن جميل بن مَعْمر العذري، أنه دخل على عبدالملك بن مروان، فقال له: حدثني ببعض أحاديث عُذْرة فإنه يبلغني أنهم أصحاب أدب وغزل قال نعم يا أمير المؤمنين، ان آل بثينة انتجعوا الحي وقطعوا بلداً آخر وجن الليل ولاحت لي نار فقصدتها ووردت على راعٍ يلوذ مع غنمه في غار فسلمت فرد السلام.

وقال: أحسبك قد ضللت الطريق

قلت: قد كان ذلك فأرشدنيه..

قال بل انزل حتى تريح ظهرك، وتبيت ليلتك وإذا أصبحت بينت لك الطريق، فنزلت فرحب بي، فلما جنّ الليل وتقدم أكثره سمعته يبكي ويشكو إلى شخص كان معه لما أصبح صاحب الدار بقول الضيافة ثلاث فمكثتُ وسألتُ عن اسمه، فانتسب لي فإذا هو من بني عُذرة ومن أشرافهم، وقال إنه كان يهوى ابنة عم له وهي تهواه وإنه خطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجها له لقلة ذات يده وأنه زوجها رجلاً من بني كلاب فخرج بها إلى حي بعيد وزاد عشقه وجعل يشكو إليّ صبابته ويبكي معي حتى انقضى الليل...


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد