المملكة كمرجعية، ومنارة إشعاع، وداعية سلام، ستحذو حذوها أكثر من دولة عربية، وستجد كل دولة ترغب في التقدم والاستقرار والنماء كل دعم وتشجيع من الرياض، وعلى أساس المصالح المشتركة، والاستفادة من تجربة المملكة الرائدة في البناء والتقدم.. الشرق الأوسط سيصبح أوروبا الجديدة، كما ذكر ولي العهد في مقابلة سابقة..
على وزن قصيدة نزار قباني "أصبح عندي الآن بندقية"، التي قالها بعد نكبة حزيران عام 1967، وغنتها أم كلثوم في عام 1969 وألهبت الحماس بين الشباب العربي. بعضهم التحق بتنظيمات مسلحة، وأكثرهم أصبحوا ضحايا تنظيمات متناحرة، وزعماء اتخذوا من القضية الفلسطينية سلماً للزعامة وتصفية الخلافات، وليس لتحرير فلسطين، تقول مقدمة القصيدة:
أصبح عندي الآن بندقية
إلى فلسطين خذوني معكم
إلى ربى حزينة، كوجه المجدلية
إلى القباب الخضر
والحجارة النبية
تقول آخر كلمات القصيدة:
قولوا لمن يسأل عن قضيتي
بارودتي صارت هي القضية
من يوم أن حملت بندقيتي
صارت فلسطين على أمتار
كلمات تختصر الحل في القوة. لكنها القوة غير المتوازنة، فالقوة يمتلكها الطرف الآخر الذي تسلح بالعلم، وبني مراكز أبحاثه السرية المدنية والعسكرية. وتزود بأحدث ما أنتجته مصانع الغرب. أما التنظيمات الفلسطينية وغيرها فرأت في الاتحاد السوفييتي خير منقذ، وفي كفاح شعب فيتنام، وبعض دول أمريكا الجنوبية خير مثال يحتذى. كانوا يطلقون على الدول المستقرة، والمهتمة بالتنمية، والتي لها علاقات قوية مع الغرب "الدول الرجعية". وسيطر الإعلام المضلل على عقول الشباب. واستمر هذا الفكر إلى أن أفلس القوميون والبعثيون، فاستثمرها قادة الإسلام السياسي، وقفزوا إلى مقصورة القيادة، وعلى رأسهم قادة تنظيم الإخوان المسلمين الذين استفادوا من إخفاقات الأنظمة الثورية، والنكبات المتوالية، وأعلنوا أن الحل عندهم.. وبقية المسرحية وفصولها المأساوية معروفة.
اليوم أصبح للعرب مرجعية، أثبتت السعودية بقيادتها التي جمعت بين الخبرة والقوة ووضوح الرؤية، أنها المرجعية، ليس للعرب وحدهم، لكن لكل دولة ترغب في التقدم والاستقرار والعيش الرغيد لشعبها، أصبحت السعودية مرجعية في سياستها الداخلية والخارجية، وفي مد يد العون لكل من يحتاجها من الدول العربية والإسلامية. أثبتت للعرب وغيرهم أن أفضل وسيلة لبناء الأوطان هي في وجود رؤية تكون هادياً ودليلا. رؤية مستقبلية تدور حولها، ومن أجلها جميع الخطط والأهداف والبرامج بمستهدفاتها الكثيرة. السعودية مرجعية في جعلها المواطن أساس القوة والمرتكز، وعيشه الكريم محل اهتمام الدولة، وأن مكافحة الفساد شرط لأي نهضة وتنمية، وأنه مثل تنظيف الدرج يبدأ من أعلى إلى أسفل.. السعودية مرجعية كيف تكون المواطنة هي الأساس والجامع لكل أطياف المجتمع بمختلف فئاته، مرجعية في سياستها الخارجية على أساس بناء علاقات قوية ومتوازنة مع كل القوى الفاعلة على مستوى العالم.
السعودية مرجعية في أنها حولت اهتمام الشباب من الأيديولوجيا إلى التكنولوجيا، وإلى إطفاء الحرائق في المنطقة بدل إشعالها، مرجعية في تقديم المعونات للمحتاجين بكل مهنية واحتراف.
توجد دول سبقت السعودية في الانضمام إلى نادي الدول المتقدمة، سواء في أوروبا أو آسيا، مثل فنلندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان، وقبلها اليابان، لكن لأنها غير عربية، وبثقافة مختلفة، لذا لم تكن مرجعاً للدول العربية. اليوم تثبت السعودية، وبشهادة رئيس أقوى دولة في العالم، أن السعودية تسير على الطريق الصحيح لامتلاك القوة، مع الاحتفاظ بثقافتها وقيمها وجذورها، وبطريقتها الخاصة، دون إملاء أو تنازل عن قيمها ومبادئها. نهضة عربية تتشكل من وسط الجزيرة العربية، ومن قلبها النابض الرياض.. نهضة غير مسبوقة تبنى بعقول وسواعد أبنائها وبناتها.
العالم العربي اليوم هو غير عالم الأمس. اليوم يأتي الرئيس الأميركي في أول زيارة له في ولايته الثانية إلى السعودية، ويكون الاقتصاد هو الأبرز والأهم.. يأتي ومعه أغنى وأقوى رؤساء الشركات على مستوى العالم.. في رسالة واضحة، "السعودية هي القوة الصاعدة في القرن الواحد والعشرين، وهي الحليف الذي يعتمد عليه". ويسجل إعجابه بقيادة ولي العهد وإنجازاته. وتربطه به صداقة ومحبة أثمرت عن أكثر من فائدة للمملكة والعرب، ويكفي رفع العقوبات عن سوريا، ومقابلة رئيسها أحمد الشرع. نجاح كبير لمساعي ولي العهد، الذي أصبح القائد العربي الملهم دون منازع.. وفيه رسالة واضحة لليمين المتطرف الإسرائيلي أن سوريا يجب أن تعطى الفرصة لإثبات صدق نوايا قادتها، ورفع المعاناة عن شعبها.. وأنها يجب أن تبقى موحدة، بعيداً عن التقسيم الذي يريده الأعداء.
المملكة كمرجعية، ومنارة إشعاع، وداعية سلام، ستحذو حذوها أكثر من دولة عربية، وستجد كل دولة ترغب في التقدم والاستقرار والنماء كل دعم وتشجيع من الرياض، وعلى أساس المصالح المشتركة، والاستفادة من تجربة المملكة الرائدة في البناء والتقدم. الشرق الأوسط سيصبح أوروبا الجديدة، كما ذكر الأمير محمد في مقابلة سابقة. وهذا هو الحلم والرؤية للقادة الحالمين.