سهوب بغدادي
كبر أغلب الأطفال وهم يعرفون بعضًا أو كلاً من هذه الأمور، إذ إن هناك أوانيَ وأطقم أدوات مائدة مختلفة عن تلك التي تستخدم بشكل يومي، إنها فارهة كريستالية أو مذهبة ورائعة ككل، ولن تستخدمها سوى في أوقات معينة ومناسبات محددة قليلة، عند حضور «الضيوف»، بل إن هناك أثاثاً ومنطقة محددة يتم حجزها طوال العام في المنزل خصيصًا لتلك المناسبات ذات التوقيت المجهول، وكأن ما تم العمل عليه والحفاظ عليه وتهيئته متواجد مع وقف التنفيذ، إنّ الأمر يدل على الكرم بالتأكيد وبذل أفضل ما يمكن لذلك الضيف، وذلك جميل، إلا أننا نتجاوز هذه الأمور المادية إلى أخرى معنوية تتداخل في جنبات حياتنا وقراراتنا، فمن منا لم يقل «عندما أحصل على كذا سأفعل كذا» أو «عندما أصل إلى كذا سأكون كذا»، فيعيش الشخص حياةً مؤجلةً على أمل التحقيق، أليس معرفة الوقت والتوقيت أهم معيارين في أي خطة أو وجهة؟ فما بالنا نلقي أهمية لكل شيء عدا الأهم من ذلك كله، ألا وهو «أنت» فأنت تستحق أن تخصص لنفسك مساحة آمنة جميلة وأوانيَ زاهية براقة، وحلياً براقة باهرة تعكس البهجة والحبور عند تأملك فيها، بغض النظر عمَّا نؤجله من قرارات، فالسعادة من حقك، والتقدير من حقك، والقيمة من حقك، والاحترام من حقك، والراحة من حقك، كل هذه الأشياء وأكثر مستحقة ولا تُنتظَر من الآخرين ريثما تقدّم شيئًا لهم أو لنفسك في المقابل، كل وقت وزمان ومكان وقتك وزمانك ومكانك ما لم تضر أو تجور على نفسك وغيرك.
«تمر معظم أوقات الحياة والناس تقول لم يحن الوقت بعد، ثم فات الأوان» - غوستاف فلوبير.