علي عبيد الهاملي
بمناسبة يوم الكاتب الإماراتي، تنظم مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، مساء اليوم الثلاثاء، حفلاً كبيراً لتوقيع الكتب الإماراتية الصادرة حديثاً (2024 ــ 2025). وقد وجهت المؤسسة الدعوة إلى 100 كاتب إماراتي من أجيال مختلفة لتوقيع إصداراتهم، وذلك تزامناً مع مئوية الشاعر سلطان العويس، وفي إطار احتفال المؤسسة بعام سلطان العويس الذي أقرته منظمة اليونسكو عام 2025م، حيث تمر هذا العام 100 سنة على ميلاده.
حين تفكر مؤسسة ثقافية، مؤسسها رجل أعمال، في تكريم المبدعين من الكُتّاب وصُنّاع الفكر، وتحتفي بإسهامهم في تنمية المجتمع وترسيخ حب الوطن، وتقدر دور حَمَلة الأقلام في صناعة الوعي، فهي ترسخ فكرةً آمن بها مؤسسها، وتحيي سنة بدأتها قبل عام، عندما نظمت حفلاً مماثلاً كان له صداه الإيجابي بين مثقفي الإمارات بشكل عام، والكُتّاب الإماراتيين بشكل خاص.
وهنا، لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الفخري لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، صاحب مبادرة يوم الكاتب الإماراتي، الذي اختار يوم (26 مايو) من كل عام لتكريم كتاب الإمارات، إذ يوافق هذا التاريخ تأسيس اتحاد الكتاب والأدباء في عام 1984م، تقديراً لجهود الكاتب الفكرية والإنسانية، ولدوره الرائد في التنمية المجتمعية، وترسيخ حب الثقافة لدى أبناء الوطن.
لقد كان لي العام الماضي شرف المشاركة في الاحتفالية التي نظمتها المؤسسة لتوقيع الكتب الصادرة عام 2024م، بتوقيع كتابي «قال الراوي.. تأملات واستنباطات وحالات تأثر». في احتفالية العام الماضي شارك 27 كاتباً إماراتياً، أصدروا مؤلفاتهم في مختلف صنوف الإبداع والمعرفة، وحضرها عدد من الشخصيات الثقافية والفكرية الإماراتية. وشكلت الاحتفالية طقساً أدبياً وثقافياً جميلاً. وسيكون لي شرف المشاركة في احتفالية اليوم، التي سيشارك فيها 100 كاتب إماراتي، بتوقيع كتابي الجديد «وما زال الشغف.. حياة بين الإعلام والثقافة».
عندما يعود بي الزمن إلى الوراء، إلى البدايات الأولى للكتابة، التي كانت في مجلة «أخبار دبي» قبل أكثر من 50 عاماً، أستذكر عدد الأقلام الإماراتية التي كانت تكتب وقتها في تلك المجلة الرائدة، وتلك التي تنشر في المطبوعات القليلة التي كانت تصدر في الإمارات وقتها، وأحاول أن أحصي عدد الكتب الموقعة بأسماء كُتّاب إماراتيين، التي كنا نشاهدها على رفوف المكتبات، التي كان عددها هي الأخرى لا يتجاوز عدد أصابع اليدين في الإمارات كلها، في ذلك الزمن، وأقارن بين تلك الأعداد وأعداد الكتب التي تدفع بها المطابع إلى المكتبات الكثيرة المنتشرة اليوم في أرجاء الإمارات، وإلى معارض الكتب الكبرى التي تقام في مختلف إمارات الدولة كل عام، عندما أستذكر ذلك أدرك الفرق الشاسع بين أعداد كتب تلك الأيام وأعداد الكتب اليوم، وأشعر بالفخر لأن الإمارات لم تنجح في بناء ناطحات السحاب فقط، وإنما نجحت أيضاً في بناء العقول، واهتمت بالفكر اهتمامها بالحجر، إن لم يكن أكثر، حيث آمن قادتها، منذ عهد الآباء المؤسسين، بأن بناء الإنسان هو أساس بناء الأوطان، وأن تأسيس العقول لا يقل أهمية عن عمارة المدن وزراعة الحقول.
هذه الطفرة الكبيرة في أعداد كُتّاب الإمارات وعدد الكتب التي تصدر كل عام حاملةً أسماءهم تدفعنا إلى التفكير في الكيفية التي يمكن أن تدفع حركة النشر إلى الأمام، وتشجع الكُتّاب. صحيح أن هناك مؤسسات وهيئات كثيرة، بعضها حكومي وبعضها غير حكومي، تشجع الكتاب وتنشر لهم مقابل مكافآت متفاوتة القيمة، وتمنحهم نسخاً من كتبهم المطبوعة، وصحيح أن هناك جوائز ترصدها بعض الهيئات الحكومية والأهلية لأفضل الكتب المنشورة، ولكن هل يمكن أن يكون هذا وحده كافياً لتشجيع حركة الكتابة والنشر في الإمارات؟
ربما يكون كافياً في وقتنا الحالي، لكن التطور التكنولوجي وصعود الذكاء الاصطناعي والنشر الإلكتروني يضع حركة التأليف والنشر الورقي أمام تحديات كبيرة. هذا مجرد سؤال تطرحه احتفالية توقيع 100 كاتب إماراتي لكتبهم الورقية اليوم.
100 كاتب إماراتي يوقعون كتبهم تعني 100 كتاب إماراتي صدرت خلال عام واحد. هذا الرقم غير قليل في نظر من بدأ الكتابة قبل أكثر من 50 عاماً، وكان مشاركاً وشاهداً على تطور حركة الكتابة والنشر في الإمارات.