: آخر تحديث

رجل ميت.. يمشي

7
4
5

عنوان المقال مشتق من فيلم درامي أمريكي، أُنتِج عام 1995، من بطولة سوزان ساراندون وشون بن، حقق نجاحًا نقديًا وتجاريًا، ونالت عنه الممثلة «الأوسكار».

يحكي الفيلم القصة الحقيقية لـ«ماثيو بونسيليه»، السجين المحكوم بالإعدام، الذي يستعين بالأخت «هيلين بريجين»، لمساعدته في الحصول على استئناف أخير، مؤكدًا براءته من جرائم قتل زوجين شابين.

***

يرى أستاذ الفلسفة محمد الوهيب أن «الإخوان» يعيشون واحدة من أسوأ أزماتهم، نتيجة غياب القيادة، وشح الموارد، وتراجع شعبيتهم، لكنهم غالبًا ما يعودون للحياة، وبالتالي قد لا تنفع قرارات التضييق المالي والمنع السياسي في القضاء التام عليهم. ففكرة «الإخوان» نشأت أساسًا في بيئة هشة متواضعة قليلة الثقافة، فهذه هي بيئتهم الطبيعية، التي يحسنون استغلالها، لتواضع عقليات مكوناتها. وبالتالي، يتطلب الأمر، من وجهة نظره الصائبة، معالجة البيئة نفسها، ورفع مستواها، وتحصينها من الانجراف وراء المتطرف من الأفكار؛ فلا جدوى من قتل البعوض إن لم نقضِ على مستنقعاته. فالمعركة مع «الإخوان» ليست أمنية وسياسية فقط، بل ثقافية في المقام الأول، ونحن بحاجة إلى إعادة بناء شاملة، تحصّن شبابنا من الوقوع في فخ الشعارات نتيجة الفراغ، وهذا يتطلب أولًا تعليمًا عصريًا حرًا قائمًا على السؤال والتساؤل والشك، يسعى للتنوير، ليكون بإمكانه ملء الفراغ، الذي نتج عن سنوات من إهمال أدوات ومصادر القوى الناعمة في التصدي للتطرف، وإعطاء قضايا الثقافة والفنون والآداب ما تستحق من أهمية، وهذا هو دور المجلس الوطني، الذي يأتي مباشرة بعد دور وزارة التربية.

ما نراه الآن أن وزارة التربية في طريقها إلى التحرك الجاد، لكن أمامها الكثير الذي يتطلب الإنجاز، وسيتطلب الأمر جيلًا كاملًا قبل أن نرى ثمرات ما تقوم به اليوم، إن قمنا بأدائه بطريقة صحيحة. لكن كل جهودها في تطوير التعليم لا يمكن أن تنجح بغير وجود حركة ثقافية وفنية وأدبية نشطة مرادفة لها. غير أن ما نراه الآن، وكأن المجلس الوطني أصبح جسدًا «ميتًا يمشي، ويكتفي بالقليل»، ولا يبدو أنه يمتلك حرية التحرك أو الضوء الأخضر لإحداث انقلاب تام في مفهوم الثقافة. فقد أرهق الروتين كاهل المسؤولين عنه، وأعجزه تدخّل الكبار في عمله، فأصبح منشغلًا تمامًا بكتابنا وكتابكم، بعد شبه توقف أغلبية أنشطته، علمًا بأن لديه إمكانات هائلة ودورًا خطيرًا، فهو خط دفاع مهم وخطير أمام قوى التخلف والردة، وبإمكانه فعل الكثير من خلال ما يملك من قدرات إدارية وخبرة طويلة، وما يمتلك من مواقع تتطلب الاهتمام والعناية بها، بخلاف ما يمتلك من متاحف ومبانٍ تاريخية ومسارح، ولو أن أغلبيتها خاوية أو ميتة، ومكتبات يكسو أرففها الغبار، وكل ذلك بحاجة إلى يد مبدعة تهز كيان المجلس، وتمنحه الاستقلالية، بعيدًا عن روتين وزارة الإعلام، ويدار من قبل مجلس إدارة مكون من كبار المثقفين والمبدعين، تحت الإشراف المباشر لرئيس الوزراء، يكون بإمكانه أن يعطي وينجح في استغلال ما لديه من إمكانات مادية وبشرية كبيرة، ودور في إعادة إحياء الحركة الفكرية والفنية الكويتية، من خلال دعوة المبدعين داخليًا وخارجيًا، لعرض فنونهم وإلقاء محاضراتهم وإبداعاتهم العالمية، ليثروا حياتنا بما تستحق من علوم ومباهج ومواد تغذي الروح.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد