سبقَ أن كتبتُ مقالاً بجريدة الرياض أُرِّخ بـ 19 ربيع الأول 1446هـ الموافق 22 سبتمبر 2024م، عُنوِنَ "برؤيتنا تَتحققُ الأحلام"، جاء فيه "سيكتب التاريخ اليوم الذي انطلقت فيه الرؤية، يوم الاثنين 18 رجب 1437هـ الموافق 25 أبريل 2016م بالذهب وقلم الذهب، ولِمَ لا؟! فتلكم الرؤية تَعِد المجتمع السعوديّ بآفاقٍ جديدة، وبآمالٍ، وطموحاتٍ، وأحلام"، واليوم نقول إنّ لا حاجة لتأكيدِ المُؤكّد، فالرؤية الوطنيّة 2030 تمشي واثقة الخُطَى تسير إلى الأمام، وتنظر برؤى مُشرَئِبة نحوَ الآفاق، فبعد تبني هذه الرؤية المُبارَكة من عرّابها صاحب السمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله-؛ تمت مُصادَقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-؛ وهذه الرؤية ترتكزُ على مرتكزاتٍ ثلاثة، هُنَّ أركانها التي من خلالهن تتفرّع وتنمو وتزدهر ويكثرُ نماؤها، وهي خيراتُ الأرض وقوّة الاستثمار والعمق العربيّ والإسلاميّ، مع موقع المملكة العربية السعودية الاستراتيجيّ المتفرّد.
ومن هذا انطلقت محاوِرها الثلاثة: مُجتمعٌ حيويّ، واقتصادٌ مُزدهر؛ مرتكزتان على وطنٍ طموح راسيَ الكيان كرسوِ جبل طويق وجبالنا الراسيات، ومن ذلك أصبح تقدمٌ لافت في تلكم المرتكزات والمحاوِر؛ حيثُ تحققَ الازدهار في المجالاتِ كافة، وتقدمٌ في الكفاءات والمسؤوليات؛ وِفقَ حوكمةٍ إلكترونيّة مبنيّة على الأرقام وأصبحت الفرق العاملة في مسابقاتٍ فاعلة، وأصبح الجميع في تنافسٍ مُستمر، وانهالت الاستثمارات الخارجية؛ وذلك لتَوفُّر الأرضية الخصبة لنموِ الاستثمارات.
ولقد أصبحَ الكثير من تلكم الرؤية أفعالاً ماضية؛ حيثُ تمّ تنفيذ الكثير من محاورها، وسبقت برنامجها المجدولِ، وأصبحت واقعًا مُعاشًا ملموسًا مُشاهدًا، وحاضرًا يُتعايش معه، وما بقيَ مما جُدوِلَ يسيرُ وِفقَ خُطى ثابتة، وفي سباقٍ مع الزمن، وقد يسبقُ تاريخهُ مثله مثل ما سبقه من إنجازات؛ حيثُ تحققت ثمانية مستهدفات رئيسة قبل موعدها، واكتملت 674 مبادرة، وتم توفير أكثر من 1800 فرصة استثمارية جديدة، وتجاوزت نسبة توطين الصناعات العسكرية مستهدفها المرحلي لتصل إلى 19.35 %، وانخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 7 %، وهو أدنى مستوى تاريخيّ، متفوقًا على مستهدف الرؤية، وارتفعت نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل إلى 36 %، متجاوزة الهدف الأصلي (30 %)، وتم رفع المستهدف الجديد إلى 40 % بحلول 2030، وتم تصنيف 4 جامعات سعودية ضمن أفضل 500 جامعة في العالم، وأصبحت جامعاتنا تنافس الجامعات العالمية؛ بل تسبقها في كثيرٍ من المجالات، وما جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك سعود من تلكم الجامعات ببعيد؛ فقد حصدن الكثير من الجوائز؛ لاسيما في البحوث العلمية والاكتشافات والدراسات.
وحينما نقول هذا فإن ذلك إشادةٌ بمنجزات وطن على أيدٍ وطنيّة ومن فكرِ أبناء الوطن المخلصين لدينهم ووطنهم وولاةِ أمرهم، وفي مقدمةِ أولئك عرّابُ تلكم الرؤية صاحب السمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجان الرؤية؛ الذي يقول عن ذلك: "إنّ المملكة تفخر بما حققه أبناؤها وبناتها في العام التاسع من إطلاق رؤية السعودية 2030، وأن الطموحات الوطنية تجاوزت التحديات، وأثبت المواطن السعودي أنه قادر على تحويل الطموح إلى إنجاز". فالجميع يعمل في مجاله وتخصصه وما أُسنِدَ إليه من عملٍ؛ يتبارونَ ويتنافسونَ ويتفاخرونَ بإنجازاتهم، فالجميعُ أشبه ما يكونوا بساحةِ مباراة، يُراقبهم الجمهور، يصفقونَ لكلِّ مُنجَز ويهتفونَ لكلِّ هدفٍ أصابَ قلب الحقيقة، ويدعونَ بالتسديدِ للجميع، وألا يضيّع الله تعبَ مُجِد، فأهداف الرؤية 2030 تصبُّ لمصلحة الوطن والمواطن والمقيم بل العالم أجمع.
وبمناسبة مرور 9 سنوات على إطلاق رؤية 2030، أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله- "أنه يحقّ للمملكة أن تفخر بما تحقق من منجزات نوعية، وضعتها في مصاف الدول المتقدمة، ورفعت رايتها عالية بين الأمم"، نعم، فتلكم الرؤية الوطنيّة 2030 تسيرُ بخُطى واثقة، وتمشي وِفقَ ما هوَ مرسومٌ ومُجدولٌ، وما العام الثلاثون عنّا ببعيد؛ حيثُ يكونُ ذلك اليوم -بإذن الله- تتويجًا لكلِ محاورها ومرتكزاتها، وواقعًا مُعاشًا، ونسأل الله تعالى أن يُسدد الخُطى ويحقق الآمال، محتفلينَ بإنجازات وطن، مُنطلقين إلى آفاقٍ أُخر.