حسين شبكشي
قصص الانتصارات الرياضية، وخصوصاً الكروية منها، عادة ما تكون مادة ملهمة ومؤثرة ومثيرة فيها عدد مهم وغير محدود من العبر والدروس المفيدة. فلا تزال قصص نجاح المدرب خليل الزياني مع المنتخب السعودي والمدرب حسن شحاته مع المنتخب المصري وقبلهما المدرب عبدالمجيد الشتالي مع المنتخب التونسي، خالدة في الأذهان، فلقد واجهوا جبلا من الصعاب وأعاصير من التحديات ومع ذلك قاموا بإعداد منظومة إدارية ناجحة تُرجمت إلى انتصارات هائلة ضد كل الفرضيات المعارضة لذلك.
تذكرت هذا وأنا أتابع تتويج فريق النادي الأهلي السعودي دون أي خسارة بطلاً لكأس نخبة آسيا لكرة القدم عن جدارة واستحقاق. وتمعنت في هذه التجربة الرائعة وما الذي يمكن أن يستفاد منها كمادة تندرج تحت تجارب القيادة والإدارة. مرَّ النادي الأهلي بتجربة مريرة جداً منذ أكثر من سنتين، اهتزت فيها الثقة ولكنها كانت بداية مرحلة إعادة البناء.
تم التعاقد في اختيار اللحظات الأخيرة مع الألماني ماتياس يايسله كمدرب لفريق النادي الأهلي، وهو ابن السبعة والثلاثين عاماً وبتجربة تدريبية محدودة جداً. كانت مغامرة كبيرة، ولكن العقلية الألمانية ظهرت لتبدأ مرحلة الإعداد والانضباط وتحدي تحويل مجموعة من الأسماء الناجحة بتفاوت إلى أوركسترا متناسقة تلعب كفريق واحد بتوازن مستمر. ونجح يايسله في الاستغلال المثالي للإمكانيات المتاحة بين يديه.
وتصاعدياً، أدى التركيز المنشود إلى الحصول على كأس آسيا للنخبة والاهتمام بها أكثر من المسابقات الأخرى، وظهر ذلك جلياً في النتائج المحققة.
وكان خلفه جماهير النادي الأهلي التي تحولت إلى نكهة وفاكهة الكرة السعودية بحضورها الرائع وتشجيعها المبتكر وإبداعاتها الرائعة الجذابة تناقلت لقطاتها وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة عربياً وأحياناً عالمياً، مما منح الأهلي قوة دفع مهولة واستثنائية.
وظف الأهلي قدراته بشكل مثالي، ففرق أخرى كانت لديها نجوم أكبر وأسماء رنانة، ولكن الروح القتالية والرغبة في التعويض والإصرار على النصر هو الذي صنع الفرق، وجعلهم مؤمنين وواثقين في أنفسهم وقدراتهم على كسب الآخرين مهما بلغت قوتهم وصلابتهم.
شكك الأغلبية في إمكانية فوز الفريق بالبطولة إلا اللاعبين والجهاز الإداري والمدربين كانوا على درجة عالية جداً من الإصرار والتركيز وحققوا الإنجاز التاريخي. موسم النادي الأهلي السعودي الذي توج بفوزه بكأس آسيا للنخبة هو ملحمة كروية بامتياز وقصة تستحق أن تروى سينمائياً ووثائقياً لأنها تقدم الصورة المحفزة للنهوض بعد الكبوة والنصر بعد العثرة وكيفية بناء جسور الأمل بين اليأس والرجاء وتظهر الهزيمة ومرارتها وحلاوة النصر وآماله.
ألف مبروك لسفير الوطن الأهلي الملكي الراقي، فرقة الرعب وقلعة الكؤوس الذي بفوزه بكأس آسيا أعاد الأمور إلى موقعها الطبيعي وصفحة جديدة مشرقة ومشرفة في سجل الكرة والرياضة في بلادنا الغالية.