عبدالعزيز الفضلي
كان لابنة فرعون ماشطة لشعر رأسها، وفي أحد الأيام سقط المشط من يدها فتناولته وهي تقول: (باسم الله).
فقالت البنت: أبي؟ قالت الماشطة: لا، ولكن ربي ورب أبيك الله.
قالت سأخبر أبي، ردت: لك ذلك.
فقال لها فرعون: ألَكِ ربّ غيري؟ قالت: نعم ربي وربك الله!
فأمر فرعون بقدر كبير من نحاس وأن تُشعل النار من تحته، ثم أمر بإلقاء أولاد الماشطة في القدر واحداً تلو الآخر، لعلها ترجع عن كلامها.
لكنها ظلت ثابتة لم يتزحزح الإيمان من قلبها، فجيء بآخر أطفالها وكان صبياً رضيعاً، فكأنها تقاعست من أجله، فأنطقه الله فقال: يا أمي إنك على الحق، فاقتحِمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فاقتحمت!
ولما أُسرِيَ بالنبي عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء والمعراج، وجد رائحة طيبة في السماء، فسأل جبريلَ عنها، فقال جبريلُ: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها!
إن ماشطة ابنة فرعون نموذج من النماذج الرائعة في الثبات على المبدأ حتى ولو كان الثمن التضحية بالنفس والأولاد.
والمتأمل في حال أهل غزة فإنهم على دربها سائرون، وإلى ما عند الله من الأجر متأمّلون.
لقد ضحّوا بأنفسهم وأولادهم وأهلهم وأموالهم ودورهم وبكل غالٍ ونفيس، فداء لدينهم وعقيدتهم ومقدساتهم وأرضهم.
والمنصف العاقل تعظم في نفسه هذه المواقف والتضحيات، والجاهل والأحمق والمنافق، هو من يرى أن ذلك خسارة وتهور!
ولو كان هؤلاء في زمن ماشطة فرعون لقالوا عنها حمقاء خرقاء!
لقد أبهرت (ابتهال أبو السعد) العالم بموقفها الشجاع - وهي فتاة مغربية تعمل مبرمجة في شركة مايكروسوفت - عندما صعدت على المسرح أثناء احتفال الشركة بذكرى مرور 50 عاماً على تأسيسها لتوجه خطابها ولومها لمصطفى سليمان -بريطاني من أصل سوري وهو مدير مركز الذكاء الاصطناعي في الشركة- لتقول له: من العار عليك المشاركة في قتل 50 ألف فلسطيني في غزة.
ومن المعلوم أن الشركة تقدم خدماتها لجيش الاحتلال الصهيوني، وكان لهذه الخدمات دور في تحديد الشخصيات والأماكن التي تم قصفها!
لقد تم طرد ابتهال من الشركة، لكنها غير نادمة على ذلك، لأنها وقفت موقفاً مشرفاً ترجو ثوابه من الله.
ومن هنا أدعو العلماء والسياسيين والرياضيين والفنانين وكل المؤثرين في عالمنا العربي والإسلامي إلى أن يكون لهم موقف شجاع في نُصرَة أهل غزة، ولو ترتب على ذلك خسائر دنيوية، فما عند الله خيرٌ وأبقى (ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيراً منه).
X : @abdulaziz2002