موسى بهبهاني
علي بن أبي طالب (عليه السلام) رابع الخلفاء الراشدين كنيَ بألقاب عدة منها:
حيدرة، حيدر، أسد الله، المرتضى، عندما يذكر اسمه تتبعه عبارة كرّم الله وجهه أو عليه السلام.
ولد في مكة بجوف الكعبة المشرفة، أول من صدق رسول الله وأسلم، آخاه النبي الأكرم مع نفسه، وزوّجه ابنته فاطمة الزهراء، عليها السلام، شارك في كل غزوات النبي ما عدا غزوة تبوك لأنه استخلفه صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة المنورة في هذه الغزوة وكان موضع ثقة النبي الأكرم.
اشتهر الإمام علي (عليه السلام) بالفصاحة والحكمة، فينسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة، كما يُعدّ رمزاً للشجاعة والقوّة ويتّصف بالعدل والزُهد ويُعتبر من أكبر علماء عصره علماً وفقهاً.
قال النبي الأكرم له:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسي، إلا أنّه لا نبي بعدي»
- عندما نادى فارس المشركين (عمرو بن عبد ود العامري) وكان يعد بألف فارس عند العرب، فنادى هل من مبارز؟ فقال النبي من له، قالها ثلاثاً؟ فلم يقم إلا علي بن أبي طالب.
وهنا حق القول:
(برز الإيمانُ كلّه إلى الشرك كلّهِ)
غزوة خيبر:
مرّت أيام و لم يتمكّن المسلمون أن يقتحموا الحصن المنيع، وكان مرحب سيد فرسان خيبر.
فقال النبي الأكرم: لأعطين الراية غداً رجلاً، كرّاراً غير فرّار، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه»
فقال (ص): ادعوا لي عليّاً.
فصاح الناس: إنه أرمد العينين لا يبصر موضع قدمه.
فقال:«ارسلوا إليه وادعوه! فأُتي به يُقاد. فوضع رأسه على فخذه، و مسح على عينيه، وبرأ من ساعته، وقال له: خذ الراية، ولا تلتفت حتى يفتح الله على يديك».
فبرز إليه علي وهو يقول:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة
كليث غابات شديد القسورة
أكيلكم بالسيف كيل السندرة
فضرب مرحب وفلق رأسه وكان الفتح.
-قال الإمام علي (ع):
«والله ما نزلت آية إلا وقد علمتُ فيمَ نَزلت، وأين نَزلت، وعلى من نَزلت، إنّ ربّي وهبَ لي قلباً عقولاً، ولساناً صادقاً ناطقاً.
هكذا كان علي بن أبي طالب، بطلاً شجاعاً وعالماً زاهداً.
وهو القائل: معاشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني.
وقال رسول الله:
(أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلَيّ بَابهَا)
فزت ورب الكعبة:
- سار الإمام علي (ع) إلى مسجد الكوفة ليلة استشهاده ليصلي صلاة الفجر فيه وهو يقول:
أشدد حيازيمك للموت فإنّ الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت إذا حلّ بناديكا
كما أضحكك الدهر كذاك الدهر يبكيكا
في فجر اليوم التاسع عشر من شهر رمضان سنة 40 للهجرة، فجعت الأمة حين قام الشقي عبدالرحمن بن ملجم المرادي، أثناء أداء صلاة الفجر في مسجد الكوفة بشج رأس الإمام علي (ع) بعد رفع رأسه من السجود بسيف منقع بالسم، وبقي الإمام علي يعاني من الجرح 3 أيام حتى استشهاده يوم 23 من شهر رمضان.
قال الإمام عليّ (ع) كلمته المدوية بمجرد ما نزل السيف على رأسه:
فزت ورب الكعبة
حتى اللحظة الأخيرة من حياته لم يفارق الأخلاق والبعد الإنساني مع العدو الغادر.
يوصي ابنه الإمام الحسن عليه السلام:
{طيبوا له الطعام ولينوا له الكلام، ارفق يا ولدي بأسيرك وارحمه، وأحسن إليه وأشفق عليه، ألا ترى إلى عينيه قد طارتا في أم رأسه، وقلبه يرجف خوفاً ورعباً وفزعاً}
ويضيف: «نعم يا بني نحن أهل بيت لا نزداد على الذنب إلينا إلّا كرماً وعفواً، والرحمة والشفقة من شيمتنا لا من شيمته، بحقي عليك فأطعمه يا بني مما تأكله، واسقه مما تشرب، ولا تقيد له قدماً، ولا تغل له يداً، فإن أنا متّ فاقتص منه بأن تضربه ضربة واحدة، ولا تمثلن بالرجل فإني سمعت جدك رسول الله (ص) يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور، وإن عشت فأنا أولى بالعفو عنه، وأنا أعلم بما أفعل به، فإن عفوت فنحن أهل بيت لا نزداد على المذنب إلينا إلاّ عفواً وكرماً».
وبذلك انتهت حياة واحد من خير خلق الله بعد عمر قضاه في الجهاد في سبيل الله والزهد وإقامة العدل وكان مثالاً للنبل والشجاعة والطهارة والعدل والخير، ورمزاً من رموز الكمال البشري على مرّ التاريخ.
فقد كانت شخصيته، شخصية متفردة بكل ما تعني الكلمة من معنى.
فرحمك الله يا أبا الحسن، ولدت في بيت الله واستشهدت في بيت الله فنلت شرف الدارين دار الدنيا ودار الآخرة، وبين البيت والبيت ذكرك ومصابك في بيوت الله.
الذكرى العاشرة:
ونستذكر هنا الجريمة الكبرى عندما تم تفجير بيت من بيوت الله، مسجد الإمام الصادق (ع)، فسالت الدماء البريئة في محراب الصلاة.
والشهداء لهم فضل علينا جميعاً لأنهم قدموا أغلى ما يملكون، و هذه الذكرى تمر علينا هذه الأيام... ذكرى استشهاد المصلين في جامع الإمام الصادق (ع) فلهم حق علينا بأن نذكرهم... استشهدوا في شهر رمضان، وفي يوم الجمعة، وأثناء أدائهم صلاة الجماعة، وفي حالة السجود.
نستنكر هذا الحدث الإجرامي الشنيع ويجب أن نفكر فيه ملياً، فكيف يُقبل (إنسان )! على التعدي و تفجير بيت من بيوت الله!
ويقتل المصلين المسلمين رجالاً وشباباً وأطفالاً تجمعوا في المسجد لأداء صلاة الجماعة والذين يشهدون أَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ!
فمنهم من قضى حتفه ومنهم من ينتظر، فمنهم الشهيد الحي ما زال يعاني من جراء الإصابات والتي لاتزال هناك شظايا في أجسادهم لم يتمكن الأطباء من انتشالها لخطورتها على حياة المصابين، فهم لا يزالون يعانون من الآلام.
فالمجرم الإرهابي اعتدى على كل أسرة كويتية وانتفضت الكويت عن بكرة أبيها وتفردت بموقف تاريخي لرفضها هذا العمل الإجرامي.
وكان الموقف الحازم من سمو الأمير الراحل الشيخ / صباح الأحمد (طيب الله ثراه)، عندما هرع إلى موقع الحدث دون حراسة متأثراً بما شاهده وتساقطت الدموع من عينه قائلاً كلمته المشهورة:
(هذولا عيالي).
ثم كان ذاك التشييع المهيب لشهداء المحراب وامتلأت المقبرة بالمشيعين والذي لم نشاهد مثله من قبل.
وللمرة الأولى في الكويت يتم الاعتداء على بيت من بيوت الله، وكان الرد الحازم على الإرهابي اللعين بأن شهداء المحراب كانوا فقداء الوطن وأقيم لهم مجلس العزاء في المسجد الكبير، وأقيمت صلاة الوحدة بين الكويتيين بغض النظر عن المذهب.
قال تعالى:
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}
ونجد في زماننا هذا هؤلاء الصهاينة القتلة الفجرة يقتلون الأبرياء في فلسطين بدم بارد وفي شهر رمضان دون خوف من الدول الإسلامية أو المجتمع الدولي، يفعلون ما يريدون دون رادع، مستقوين بالموقف المساند لهم من الدول العظمى.
أشغلوا العالم الإسلامي بالاقتتال الداخلي بين الشعب الواحد فضعفت الأمة وقاموا بعمل كل الموبقات، لعنهم الله.
ونحن نتساءل هنا من:
يدعم الإرهابيين؟
يدربهم؟
يحميهم؟
يمدهم بالسلاح؟
من جاء بهم؟
فهل هم تحت رعاية دول كبرى؟
أليست الفتنة بين الطوائف الإسلامية مشروعاً صهيونياً؟ لعن الله من يحرك ويدير هذه الفتنة ؟
وكذلك الحال مع الإرهابيين الذين جاء بهم الصهاينة والاستخبارات الدولية، حيث يقومون بقتل الجميع، الأطفال النساء والمدنيين، والتمثيل بالشهداء وتعذيب المدنيين وترويع النساء والأطفال، يفعلون ذلك تشبهاً بأسيادهم الصهاينة ليشوّهوا صورة الإسلام.
فهؤلاء آفة سرطانية مقيتة تبث السموم وتدمر العلاقات الاجتماعية، وتجعلنا نتفرّق ونتمزّق ونتجابه ونقتل بعضنا البعض نفسياً ومعنوياً قبل استخدام السلاح.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين.
وأخذل الكفار واليهود والظالمين.
اللهم أرنا في اليهود وأحلافهم وأعوانهم نكالاً يارب العالمين.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.