عبدالعزيز سلطان المعمري
احتفلنا يوم أمس 28/2/2025 بيوم التعليم الإماراتي، جاء هذا الاحتفال بعد إعلان وتوجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عبر كلمته التي نشرها في منصة «X» يوم 30 من شهر سبتمبر العام الماضي، حيث قال فيها: «التعليم عماد التنمية وروح التقدم وأساس البناء، وهذا ما تؤمن به دولة الإمارات وتسير عليه وتخطط من خلاله لحاضرها ومستقبلها .. وتقديراً للموقع المحوري للتعليم في رؤيتنا التنموية وامتناناً ووفاءً لكل القائمين على المنظومة التعليمية، نعتمد يوم الثامن والعشرين من فبراير من كل عام اليوم الإماراتي للتعليم، تخليداً لليوم الذي شهد فيه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تخريج أول دفعة من المعلمين من جامعة الإمارات عام 1982».
اختيار يوم 28 من فبراير يحمل جانباً عاطفياً ومعنوياً لدى كل إماراتي، فهو يوم مرتبط بالقائد المؤسس وبالعلم والتعلم وبالنهضة التعليمية الإماراتية، يوم تخرجت فيه الدفعة الأولى من الجامعة الأم؛ جامعة الإمارات العربية المتحدة، كأنه في هذا اليوم جاء العلم ليقول للقائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه: هذا حلمك أصبح واقعاً وحقيقة، وهذا نتيجة ما زرعت، واليوم ها أنت تجني ما زرعت.
تخريج الدفعة الأولى لم يأتِ إلا نتيجة متابعة وحرص القائد المؤسس على دعم التعليم والتشجيع عليه، وحث وتحفيز المواطنين على التعلم وتعليم أبنائهم جميعاً، وركز كثيراً على تعليم البنات ليقينه بأهمية التعليم للجميع، زايد كان صاحب رؤية ونظرة ثاقبة، كان يرى المستقبل ويعد له جيلاً متعلماً واعياً متسلحاً بالعلم والقيم والمبادئ.
أما اليوم في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، علينا أن نستذكر أن أول قرارات سموه كانت لدعم وتطوير التعليم، حيث استحدث هيئات ومؤسسات حكومية تعليمية، هذا يدل على أولوية التعليم في فكر سموه، لأن القيادة الإماراتية وكما نعلم وكما عهدناها حريصة على تزويد أبنائها بالمعارف كافة، وحريصة على أن يتزودوا بالعلم والفكر السليم، وبالتالي يكونون أعضاء فاعلين ومؤثرين ومساهمين في التنمية الإماراتية.
في دولة الإمارات العلم مقدّر وأهل العلم مقدّرون، بل إن الثابت لدى العقلية الإماراتية أننا مستمرون في التعلم، ولا نهاية ولا توقف عن التعلم، وهذا ما أعجبني في شعار اليوم الإماراتي للتعليم «كلنا نُعلّم وكلنا نتعلّم».. وهذا بحد ذاته يحمل الكثير من الدلالات والرسائل، نذكر منها أننا لا نكتم علمنا، بل نعلم الآخرين وننقل لهم علمنا ومعارفنا وخبراتنا، وهذه هي قمة الأمانة العلمية، وفي الجانب الآخر كلنا نتعلم، أي أننا في تعلم مستمر، بمعنى أننا نبحث كل يوم عن معلومة وفائدة جديدة وأننا نواكب كل جديد وحديث.
التعلم المستمر هو استمرار للتطور والتفاعل مع المستجدات والاحتياجات والمتطلبات الآنية والمستقبلية، فالعلم متغير ومتطور، فمن لا يواكب ولا يتابع ولا يضيف علماً أو معرفة جديدة كل يوم يتأخر، ومن يتأخر لا مكان له بين الأمم والشعوب.
حرصت في «يوم التعليم الإماراتي» أن أحضر وأشارك في إحدى فعالياته، فكان الاختيار حضور جلسة حوارية نظمتها جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، هذه الجامعة التي تحمل اسم رئيس الدولة، حفظه الله، الذي وجّه بالاحتفال بهذا اليوم، ما لفت نظري أن جميع المتحدثين في الجلسة من أبناء الإمارات، كأن الجامعة تقول لنا: هذه هي نتيجة الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة، وكأنها تقول: من تعلموا بالأمس هم المعلمون اليوم، هم أساتذة الجامعات والمفكرون والباحثون، هم من يسهمون في التنمية التعليمية ويضعون مناهج التعليم، هم من يسهمون في تزويد الطلبة بالفكر المستنير الذي يتوافق مع قيمنا الدينية والوطنية.
حضرت الجلسة قامات علمية وفكرية من أبناء الإمارات ومن أشقائنا العرب وغير العرب، من خلال الجلسة تذكرت تلك المقولة الخالدة: إن أفضل استثمار للمال هو الاستثمار في التعليم، لأن التعليم يقودنا إلى مصاف الأمم المتقدمة، ويبني المجتمعات الواعية المحصنة ضد الجهل والأفكار الضالة والمنحرفة والمتطرفة.