خالد بن حمد المالك
أن تحب فهذا خيار سام ومطلوب، يتناقض معه أن تكره، والكره مذموم ومرفوض، فأنت تحب والديك، وزوجك وأطفالك، وإخوانك، وأسرتك، تحب وطنك، وأرضاً ولدت وعشت فيها.
* *
أنت تحب كل جميل، الطبيعة، والأجواء المناسبة، تحب السفر، والثقافة، والرياضة، ويمتد حبك إلى مشارف العلم والعمل، وكل ما يبقيك مؤثراً في الحياة.
* *
أنت تكره الحقد، والظلم، والعقوق، وعدم الولاء للوطن، والغدر بالآخرين، وسوء الأخلاق، وكل ما يعكر صفو حياتك، ويجعلك هامشياً بين الناس، وبعيداً عن الحب.
* *
الحب والكراهية نقيضان، الأول صفة حسنة في الإنسان، والثانية نقطة سوداء في حياته، فلِمَ لا يكون الحب حاضراً في أذهاننا، نعمقه في وجدان كل منا، ولِمَ لا يكون الكره من أولويات نبذنا له؟.
* *
إذاً لا شيء يعلو على الحب، بقيمه ودلالته، ومعناه الحسي والفعلي، ولا شيء ينحدر وصفاً وممارسة أكثر من الكراهية، وهو ما تفهمه النفس السوية، والعقل الراجح.
* *
على أن رصد معاني الحب، ومساراته، وتأصيله في النفوس يكون أقوى وأرسخ حين يكون له مناسبة لإحيائه، وحين توفر له الأجواء لينمو بثبات وقوة واستدامة، ويعم بين بني البشر.
* *
ولو ساد الحب بين الدول لما كانت هذه النزاعات والصراعات بينها، ولو كانت لغة الحب هي الرابط بين الدول، لما رأينا هذا التجاذب غير العاقل بينها، ومثلها الخلافات في الدولة الواحدة بحسب الديانات والمذاهب والقوميات.
* *
نريد أن نحبب الناس في الحب، وأن نراه يكبر بكلمة لطيفة، بوردة فواحة بالرائحة الزكية، بهدية جميلة، بجلسة لا نسمع فيها كلمة تتعارض مع مفهوم الحب، أو ننزل بها إلى مستوى الكراهية المذمومة.
* *
من بين ما يقربنا إليه الحب، غياب الإصغاء إلى ما يوصل إلى الكراهية، ومنع الخلافات بيننا، وعدم رفض مظاهر إبراز صفة الحب وتأصيلها بيننا، وثم أن نعمق أصول الحياة الطبيعية في النفوس بلمسات جاذبة لا طاردة لمفهوم الحب.
* *
أحبوا والديكم وزوجاتكم وأطفالكم وأقرباءكم، وغيرهم، أحبوا كل ما هو جميل في هذه الحياة، واحتفوا بذلك، وأوجدوا فرصاً ومناخا للتعبير عنه، بإطلاق وعيكم وتعميمه بأن الحب السامي يطهّر النفوس، وأنه علاج يزيل القلق والخوف.
* *
ولا تنشغلوا في زرع إخفاء مظاهر الاحتفاء بالحب، لأن في إبرازها، وتعميمها هروباً من الكراهية إلى حيث يكون الحب، وصولاً إلى قواسم مشتركة تجمع الجميع على الحب الصادق.
* *
أمامكم اليوم فرصة لتحبوا بعضكم بعضاً، ضمن وعي العقل، الذي يجب أن يكون حاضراً ليكون نصيراً للحب، وداعماً للاحتفاء به، بوصفه مشروعاً نبيلاً لكل ما يعزز وجوده بيننا، فحذار أن يحارب أحدكم مفهوم الحب بإطفاء شعلة وجوده في حياتنا.