عثمان بن حمد أباالخيل
في كل تفاصيل حياتنا هناك من يهبون ويدبون، يهبون كما الريح السريعة ويدبون على وجه الأرض وفي كل الاتجاهات. في هذا السياق حضور الناس بأنواعهم وأصنافهم ومناصبهم ومستوياتهم العلمية والثقافية، فليس الحضور لشريحة معينة فالجميع حضروا دون التمييز.
يقول الشاعر أبو القاسم الشابي -رحمه الله-:
(كلُّ ما هبَّ، وما دبَّ، وما
نامَ، أو حامَ على هذا الوجود)
في الماضي حضرت دورة تدريبية متقدمة لكني تفاجأت بمستويات المشاركين من حيث الخبرة والمهارة والشهادة العلمية، كان الحضور كل من هب ودب وأفسدوا الهدف من الدورة. شهادة الدكتوراة لمن هب ودب، الجامعات تخرّج ما هب ودب، كل من هب ودب يتأمر على زوجتي، التحليل الرياضي لمن هب ودب، الحب.. لمن هب ودب، السوشيال ميديا أدخلت من «هب ودب»، أصبح كل من هب ودب يتكلم في مواضيع لا يفقه بها، كل من هب ودب يعطينا دروسًا في الحكمة، كثيرون ينقلون يتحدثون عن الفلسفة وهم لا يعرفون معناها. لا تدع كل من هب ودب يدخل حياتك ثم تشتكي من مرارة الخذلان أنت من سمح بدخول من هب ودب.
البعض يشطح بعيداً عن التحليل الرياضي الموضوعي، فنجده يتحدث ويتكلم بكلام يبين ميول هذا المحلل تجاه هذا النادي، وسلبي في كلامه وتحدثه عن النادي الآخر، وهناك من يصنف مهارات اللاعبين حسب ميوله.
في الإعلام كل من هب ودب يمكنه أن يدلي بدلوه بكل المواضيع مما يجعل المتلقي في حيرة من نفسه، يا للأسف أصبح هناك الكثير ممن يقرض الشعر أو يكتب الرواية أو القصة أو المقال مع غياب النقد الذي ينخل كل ما يكتب في شتي عوالم الثقافة، وبذلك هم نالوا إعجاب الجمهور غير الذواق وغير الواعي.
أصبحت حياة البعض مفتوحة للآخرين يدخلون ويخرجون ويتركون بصماتهم السلبية في أحيان كثيرة، فهي مفتوحة لكل من هب ودب.
في الفترة الأخيرة أشياء دخيلة على حياتنا اليومية والمجتمعية، غثاء كغثاء السيل في وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد الكثير من الناس يفرقون بين ما يفيد وما لا يفيد المهم التصفح، ألا يعلمون أن الغالبية فيها ما هب ودب.
ما أسهل الكلام في زمن النيام، فالأرض تتسع لكل من هب ودب في أن يقول ما يقول ما يشاء وعلينا نحن نخل ذلك الكلام وذلك التحليل.
كل من هب ودب يعطينا دروسًا في الحياة وهم أحوج إلى التعلم من دروسهم الجوفاء التي تدل على السطحية وعدم مراجعة النفس. جميل وجميل جداً أن نعرف ماذا نريد وبمن نثق، ولا نترك لكل من هب ودب يغيِّر حياتنا ومزاجنا.
«عدم الاختيار هو أسوأ اختيار، والسكوت حكم من أسوأ كل حكم». مصطفى محمود.
همسة
(نصيحة لا تنقل ولا تتفوه ولا تستمع لكل ما هب ودب).