: آخر تحديث

فرص دول الخليج لتحويل التكنولوجيا أداة إستراتيجية

17
17
22

مبارك الهزاع

في ساحات الحروب الحديثة، لا يعتمد النصر على عدد الجيوش أو ضخامة المعدات فقط، بل على من يمتلك القدرة على قراءة المستقبل واتخاذ القرارات بسرعة. هنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه تحليل مليارات البيانات في ثوانٍ، ورسم خطط هجومية ودفاعية مبنية على توقعات دقيقة.

أوكرانيا، في صراعها ضد خصم أكبر وأقوى، استفادت من الذكاء الاصطناعي لتحليل تحركات العدو، وتحديد أهدافها بشكل دقيق، ما مكنها من تحقيق مكاسب رغم محدودية مواردها التقليدية.

إيران، من جهة أخرى، قدمت نموذجاً مختلفاً. عبر الاستثمار المكثف في تطوير الطائرات المسيرة، استطاعت تحويل هذه التقنية إلى سلاح إستراتيجي يُستخدم بكفاءة عالية سواءً للهجوم أو الردع. الطائرات المسيرة الإيرانية، رغم بساطتها النسبيّة مقارنة بتلك المستخدمة في الدول الكبرى، أظهرت قدرة كبيرة على خلق توازن قوى في المنطقة، وزيادة النفوذ الإقليمي بتكاليف أقل.

إذا كانت أوكرانيا وإيران قد نجحتا في تحقيق مكاسب ملموسة باستخدام الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة، فإن دول الخليج قادرة على تحقيق نتائج أكبر وأكثر تأثيراً.

دول الخليج تمتلك ثلاث ركائز رئيسية تجعلها مؤهلة لتطوير نموذج متقدم:

1 - القوة الاقتصادية: بفضل الثروات النفطية والاستثمارات المتنوعة، يمكن لدول الخليج تمويل الأبحاث وتطوير تقنيات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة.

2 - البنية التحتية التقنية: تمتلك دول الخليج بنية تحتية متطورة في مجال التكنولوجيا، مع تركيز واضح على التحول الرقمي، ما يجعلها قادرة على استيعاب أحدث التقنيات بسرعة.

3 - الشراكات الدولية: دول الخليج تتمتع بعلاقات إستراتيجية مع كبرى الدول المصنعة للتكنولوجيا العسكرية، ما يمنحها إمكانية نقل المعرفة وتوطين الصناعة.

يمكن لدول الخليج أن تحاكي التجارب الأوكرانية والإيرانية بأسلوب أكثر تطوراً. على سبيل المثال:

- إنشاء مراكز أبحاث متقدمة: يمكن لدول الخليج الاستثمار في مراكز تجمع بين الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لتطوير حلول متكاملة للحروب الدفاعية والهجومية.

- تعزيز القدرات المحلية: عبر تدريب الكوادر الوطنية على تصميم وتصنيع الطائرات المسيرة وأنظمة الذكاء الاصطناعي، يمكن خلق صناعة محلية تقلل من الاعتماد على الاستيراد.

- استخدام التكنولوجيا كأداة دبلوماسية: كما فعلت إيران عبر تصدير الطائرات المسيرة لحلفائها، يمكن لدول الخليج تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال تقديم تقنيات دفاعية لدول صديقة.

دول الخليج أمام فرصة تاريخية لتحويل التكنولوجيا إلى أداة إستراتيجية تعزز مكانتها العالمية عبر تبني تقنيات أكثر ذكاءً وكفاءة، تجعل منها لاعباً رئيسياً في رسم مستقبل المنطقة.

الحروب لم تعد ساحة للجنود فقط، بل أصبحت مختبرات للإبداع والابتكار. دول الخليج، بفضل إمكاناتها، ليست فقط قادرة على دخول هذه الساحة، بل يمكنها أن تقودها، مستفيدة من التجارب العالمية، ولكن بأسلوب أكثر تطوراً يناسب طموحاتها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد