: آخر تحديث

الهكتار الذي فضح الدراسة

9
9
7

ذكرت مصادر في وزارة الشؤون الإسلامية، التي كان يفضل تسميتها بالشؤون الدينية (فهذا يعكس حقيقة دورها)، أنه تم إدراج مشروع «تنموي» لتعزيز اقتصاد الدولة، بسبب انخفاض موارد الدولة نتيجة تذبذب أسعار النفط، وذلك بتحويل المساجد لتصبح صديقة للبيئة، وذلك خلال عشر سنوات!!

***

سيتكلف المشروع 33 مليون دينار، وسينتج عنه في النهاية خفضٌ في استهلاك الكهرباء بمعدل 40 بالمئة، وخفض بنسبة مماثلة لاستهلاك المياه، كما ستنخفض تكاليف الصيانة بمقدار 50 بالمئة! كما سيكون للمشروع نفع بيئي، فسيقلل من الانبعاث الكربوني بمعدل 5.478.600 كيلوغرام (هكذا بالضبط) لكل مئة مسجد، وستتحسن جودة الهواء، مع خفض النفايات وزيادة فرص إعادة تدويرها، فضلاً عن إعادة تدوير المياه الرمادية لتخضير المساحات المحيطة بمبنى المسجد، التي تقدر بهكتار (استخدام هذه الكلمة في الدراسة يدلك على من قام بها). وسيتحقق من المشروع وفر مالي، من الكهرباء والماء، لجميع المساجد، بمبلغ 5 ملايين و235 ألف دينار (هكذا بالضبط)، وسينخفض الانبعاث الكربوني لنحو 93 الفاً و136 كيلوغراماً سنويا (وأيضا هكذا!).

وطبعا سيكون للمشروع، وهذا غالبا الهدف منه، خلق فرص وظيفية «للجماعة»، وسيكون للكوادر الوطنية نصيبها في مجال المباني المستدامة الى جانب خلق فرص وظيفية لهم، للشركات المحلية (!!)، وهذا سيعزز من العائد الاقتصادي على الاستثمار في البلاد (الله أكبر).

***

نشكر الشؤون الإسلامية على هذه الإفاضة والدقة في تقديم الأرقام، وفي مزايا مشروعها، لكن من حق المواطن إبداء نوع من الحذر اتجاهها، فكل سابق مشاريعها، التي كلفت الدولة، دون مبالغة، مئات ملايين الدنانير، انتهت للاشي تقريبا، كالوسطية وطباعة المصحف، وغيرهما! كما يمكن ببساطة الاستنتاج أنها توصلت للأرقام الباهرة أعلاه من خلال دراسة «هكتارية ممكيجة»، ترضي صاحب القرار الحكومي، وغالبا ما تعدها مكاتب دراسات معروفة، وذات مصلحة، وحسب طلب ومتطلبات الوزارة. وإن كان مسؤولو الوزارة يؤمنون بجودة وجدية الدراسة فما عليهم غير نشرها على موقعها. فلدى الكثير من كبار المختصين والمتعاملين مع الوزارة شكوكا حقيقية في جديتها، كونها مبنية على افتراضات بعيدة جدا عن الواقع.

لعلم وزارة الشؤون الإسلامية فإن بالإمكان تخفيض تكلفة المشروع للنصف مثلا، من خلال الطلب من الجمعيات التعاونية المساهمة في القيام بالتوصيات التي وردت في تلك الدراسة، كجزء من دورها في الخدمة المجتمعية، أو فتح المجال للشركات والأفراد للتكفل بمسجد أو أكثر، لكن مثل هذه المقترحات لا «مصلحة» لمعظم مسؤولي الوزارة في قبولها.

**

يشاع عن غوبلز، وزير دعاية هتلر، قوله: كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي!

وكلما سمعت، أنا، مسؤولا يصرح عن مشروع جديد، غامض الأهداف، وضعت يدي على قلبي خوفا على... أموالي.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.