تلقيت دعوة جميلة من مجلس «جمعية المصرفيين العرب»، لندن، لحضور حفل تكريم الصديق الأستاذ يوسف العوضي لجائزة «مصرفي العام 2024»، لدوره وتاريخه في عالم المصارف والاستثمار لفترة تزيد على أربعين عاماً، تميزت بالمصداقية والعمل الجاد، والسمعة المهنية العالية، مع الإنتاج المثمر، في كل المراحل والمناصب التي شغلها. أقيم الحفل في السابع من الشهر الجاري، في أحد أفخم فنادق لندن بحضور جمع مميز من الشخصيات المالية الرفيعة، على رأسها اللورد أليستر كينغ، عضو مجلس مدينة لندن، وهي مدينة الأعمال (وتختلف عن العاصمة لندن)، والذي سيصبح في اليوم التالي من حضوره حفل التشريف، العمدة الـ696 لـ«مدينة لندن The City»، في تاريخ المدينة الطويل الذي يعود لعام 1123، أي قبل أكثر من 900 عام، حيث ألقى اللورد كلمة مؤثرة، سبقتها كلمة للسيد جابي فاضل رئيس جمعية المصرفيين العرب مرحباً بالمحتفي به. كما ألقى المحتفى به خطاباً مميزاً تحدث فيه عن الدور الفاعل للمؤسسات المالية العربية في بريطانيا وأهمية مدينة لندن المالية والدور المهم الذي يقوم به قطاع المال والاستثمار في الاقتصاد.
كانت بداية معرفتي بالصديق يوسف، قبل أكثر من أربعين عاماً يوم تزاملنا في بنك الخليج، في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ولم تنقطع العلاقة بيننا منذ يومها، تركت البنك بعدها، لكنه استمر في العمل به، وليصل فيه لأعلى المناصب، ثم ليصل لقمة منجزاته العديدة بالعمل لسنوات عديدة رئيساً لمكتب الاستثمار الكويتي في لندن، الذراع الاستثمارية لدولة الكويت، والتي بدأت في أحلك المراحل التي مر بها المكتب خصوصاً بعد الخسائر الجسيمة التي تعرضت لها استثمارات المكتب في أسبانيا. وكان له دور كبير وفاعل في تعزيز استقرار المكتب وإعادة الثقة به. ومن أهم إنجازاته أيضاً هو تخفيض حصة المساهمة العالية للمكتب في أسهم شركة البترول البريطانية BP العملاقة لأسباب استثمارية بحتة وذلك عن طريق بيع %3 من أسهم الشركة عن طريق صفقة واحدة كبيرة Blind Block Deal في مايو 1997 بقيمة حوالي ملياري دولار والتي حققت أرباحاً عالية لدولة الكويت، وغير مسبوقة، وكان ذلك نتيجة عمل متواصل لفريق برئاسته في المكتب لسنوات عدة، وأثنت الصحافة المالية العالمية على الطريقة المهنية العالية التي تم بها تنفيذ هذه الصفقة.
جدير بالذكر أن الوجود المالي العربي، والكويتي بالذات، في لندن، عاصمة المال والأعمال، يعود لعام 1953، عام تأسيس «مكتب الاستثمار الكويتي»، كأول صندوق ثروة سيادي في العالم، لإدارة الأموال الفائضة في الكويت، وتسهيل إعادة تدوير أموال النفط في وقت مبكر من دولة صغيرة منتجة للنفط، أصبحت تالياً، بفضل بُعد نظر قيادتها الحكيمة، ممثلة بالأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، الذي جعل الكويت مثالاً يقتدى به تالياً من قبل دول كبرى وأخرى متقدمة، كالنرويج، ومن الشقيقات في الخليج.
يتولى الأخ يوسف حالياً رئاسة البنك التجاري العربي البريطاني (BACB)، وهو أحد أقدم البنوك العربية في المدينة والذي تأسس في أوائل السبعينيات. وعلى الرغم من قصر الفترة التي قضاها رئيسا، فإنه نجح باقتدار في زيادة أرباح البنك لمستويات تاريخيّة وتطوير أعمال البنك بشكل ملحوظ. كما سبق أن تقلد مناصب عدة تنفيذية وغير تنفيذية حيوية في عدد من المؤسسات المالية المهمة، في الكويت ولندن ومدن عالمية وعربية أخرى، وهذا أهله لنيل وسام فارس الإمبراطورية البريطانية من الدرجة الممتازة KBE الرفيع، من جلالة الملكة اليزابيث، في عام 2005، تقديراً لتاريخه المهني ومنجزاته العديدة، خصوصاً في ما يتعلق بدوره في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين بريطانيا والكويت.
كان رائعاً حضوري حفل تكريم الصديق العزيز يوسف العوضي في العاصمة البريطانية ضمن جمع يمثل أفضل العقول المالية العربية والأجنبية، لشخصية اقتصادية كويتية طالما حظيت باحترام كبير، أينما عملت، خاصة في «السيتي»، الاسم المختصر لـ«مدينة لندن» للأعمال.
يحمل الأخ يوسف شهادة الدكتوراه من جامعة كولورادو، الأمريكية، والبكالوريوس من الجامعة الأمريكية في بيروت في الاقتصاد وله آراء اقتصادية حصيفة عدة تستحق الاستماع لها والاستفادة منها.
أحمد الصراف