: آخر تحديث

هل تغادر هاريس مربّع بايدن في غزة؟

22
15
16

سميح صعب

منذ لحظة انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من السباق الرئاسي واتجاه الحزب الديموقراطي إلى تسمية نائبته كامالا هاريس على رأس لائحة الحزب إلى الانتخابات التي ستجري في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، برزت تساؤلات عن المواقف المحتملة لهاريس في السياسة الخارجية، في حال فوزها على المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

سترث هاريس حروباً نشبت في عهد بايدن، من أوكرانيا إلى غزة والسودان، فضلاً عن التوتر المتصاعد مع الصين حول تايوان وبحر الصين الجنوبي والفيليبين، إلى العلاقة مع الحلفاء عبر الأطلسي.

وضئيلة هي الفوارق التي تفصل آراء هاريس عن آراء بايدن في ما يتعلق بضرورة مواصلة دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، ولن تحيد عن دعم شركاء واشنطن في مواجهة الصين في آسيا. والموقف من الحرب الإسرائيلية على غزة كان فيه بعض التمايز عن بايدن، من حيث الدعوة في وقت مبكر إلى وقف النار وإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع.

وأتاح غياب هاريس عن ترؤس الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ التي تحدث أمامها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تكهنات عما إذا كان الأمر كناية عن رسالة استياء موجهة إلى نتنياهو، أم أن الغياب عائد إلى "تضارب في المواعيد" فعلاً، وسط انهماك نائبة الرئيس بتجمعات انتخابية في ولايات عدة، وهي تخوض أصلاً سباقاً مع الوقت.

وأتاح غياب هاريس عن ترؤس الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ التي تحدث أمامها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تكهنات عما إذا كان الأمر كناية عن رسالة استياء موجهة إلى نتنياهو،

في الأشهر الأخيرة، تصاعد الضغط من الجناح التقدّمي في الحزب الديموقراطي على بايدن، من أجل الضغط على نتنياهو أكثر للقبول بوقف النار وبصفقة لتبادل الأسرى، بما يفتح الطريق أمام عملية سياسية أوسع في الشرق الأوسط، تشمل التطبيع بين السعودية وإسرائيل، والتأسيس "لمسار موثوق يوصل إلى دولة فلسطينية مستقلة".

رفض نتنياهو المضي بـ"إعلان بايدن" لوقف النار، علماً أنه في الأساس اقتراح إسرائيلي. وأضاف إلى التعقيدات شرطين آخرين هما التمسّك بالبقاء في محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة والأراضي المصرية، والاحتفاظ بممر نتساريم الذي يخترق القطاع من الشرق إلى الغرب.

وتنصّل نتنياهو من وعود سابقة قطعها لبايدن، وماطل أكثر من مرّة للتهرّب من استحقاق وقف النار الذي يعرّض حكومته للسقوط، لأن الوزيرين المتشدّدين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش يهدّدان بالانسحاب من الحكومة، في حال وافق نتنياهو على وقف القتال.

ماذا يمكن هاريس أن تفعل حيال نتنياهو ولم يفعله بايدن؟ هل تستطيع أن تخطّ مساراً دقيقاً يوفّق بين استعادة ثقة التقدميين الديموقراطيين والناخبين من أصل عربي؟

يظهر أن تغيّب هاريس عن خطاب الكونغرس مع عشرات النواب والسيناتورات الديموقراطيين هو رسالة حسن نية نحو شريحة مهمّة من الناخبين، لا سيما في الولايات المتأرجحة، وعلى وجه التحديد ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا. ومن دون هذه الولايات، لا يمكن المرشح الديموقراطي حسم السباق لمصلحته.

وبناءً على هذه الاعتبارات، رأى بعض المعلقين الأميركيين، أن هاريس تشكّل طوق نجاة للديموقراطيين، بهذا الافتراق البسيط عن بايدن الذي صبر كثيراً على نتنياهو، على الرغم من الدعم الأعمى الذي قدّمته واشنطن لإسرائيل عسكرياً وسياسياً، منذ الإخفاق الكبير في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

وعلى النقيض، استخدم نتنياهو الخلاف مع أميركا كي يخاطب مؤيديه في إسرائيل، ويقول لهم إنه الزعيم الإسرائيلي الوحيد الذي يتجرأ على قول "لا" لأميركا.

مع ذلك، فإن هاريس لو وصلت إلى الرئاسة ستجد نفسها أمام المأزق نفسه مع نتنياهو: لا لوقف دائم للحرب، ولا لفتح أي مسار سياسي في الشرق الأوسط، ولا لدولة فلسطينية مهما كان شكلها.

وفي البيت الأبيض، يرون كيف أن تعنّت نتنياهو، جعل الصين، المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة، تحقّق اختراقاً جيوسياسياً مهمّاً في الشرق الأوسط، بعد نجاحها في إقناع 14 فصيلاً فلسطينياً، بينها "فتح" و"حماس"، بالاتفاق على تأليف حكومة وحدة فلسطينية في اليوم التالي لحرب غزة.

هذا جزء من الخسائر التي تتكبّدها أميركا بسبب وقوفها المطلق مع إسرائيل، والتراخي في الضغط الجدّي على نتنياهو.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.