: آخر تحديث

وداعاً لمنظومة القيم الغربية

14
14
16

ما الذي سيترتب على انهيار منظومة القيم الغربية. يقيناً، مسؤوليات العرب المعنيين بالفكر والثقافة والإعلام قد تضاعفت أضعافاً. إذا سأل سائل: من أين البداية؟ كان الجواب: من الأساس، من هنا نبدأ.

ماذا على الإعلام العربي أن يفعل؟ ظل عشرات السنين في وهْمٍ واهِمٍ واهماً أن وسائط إعلام الغرب مرايا الصدقية وحسن النوايا، وجلاء الخبايا والخفايا، فإذا هي أمّ البلايا وسوء الطوايا. ما إن أطلّ القرن الحادي والعشرون، حتى أدرك العالم الثالث فما دونه، أن نيوب الليث البارزة لا تعني أن الليث يبتسم. جاء الفهم متأخراً بعد عِضاض أسماك القرش والتماسيح. لكن، كانت الأسماء الطنّانة في صحافة الغرب: لوموند، لوفيجارو، الإيكونوميست، الجارديان، وباقة الإبر في مطبوعات الإمبراطورية، تُثمل الشعوب الظامئة إلى حرّيتي الرأي والتعبير بأطياف الديمقراطية شوقاً إلى نسائم التحرر. لم تسأل سذاجةُ التخلف: أليس مريباً أن ترسم القوى الاستعمارية أحلام الانعتاق والانبثاق والانطلاق نحو إشراق الآفاق؟

الحمد لله على أن الناس استبانوا الأمر ضحى الغد. أيقنوا أن تلك الأسماء الرنانة أباطيل وأحابيل. ما على العرب إلاّ أن يُجروا فحوصاً شاملةً للإعلام العربي. على كل من كان يسير على بوصلة الإعلام الغربي، أن يعيد النظر في مقوّمات البنيان، فقد أفلت تلك النجوم، فالسبيل الأقوم أن يقول: «لا أحب الآفلين». بجردة حساب بسيطة يتضح للعاقل أن فخاخ المجتمع الدولي كانت عسيرة الخلاص والمناص. كانت الألاعيب أشبه بالتخدير العالمي: مكافحة الإرهاب، التطرف الديني، الثورات الملوّنة وغيرها، فإذا البلدان حبوب في رحى أسلحة الدمار الشامل. على وسائط الإعلام اليقظة التفكير في الأسئلة: كيف أحمي وطني وشعبي وهوية أمّتي؟ كيف أبني مناعةً مكتسبةً ومضادّاً حيويّاً بالمرصاد للأغراض الخارجية؟ كيف أعزّز الوعي العام بمنظومة قيم متوازنة؟ كيف أكون مصدر إشعاع في التنمية الشاملة واستشراف المستقبل؟

ها نحن في الدائرة الأوسع، الثقافة. الوعي الإعلامي يرتبط عضويّاً بمحيط أكبر، بالثقافة في مفهومها الذي يتجاوز الآداب والفنون، حين يضاف إليها الفكر، فيشمل الإشعاع مجالات الحياة كافة. لك أن تستعيد الوحدة بين الإعلام والثقافة في النصف الأول من القرن العشرين. لقد كانت الآداب والفنون والإعلام كأنها «جبهة» توعية. ذلك هو المرام البعيد.

لزوم ما يلزم: النتيجة الاستلهاميّة: القياس الجميل في الإعلام والثقافة، أن يكونا كالنجوم مصابيح تنير سماء الأوطان، ورجوماً لشياطين المخططات.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد