: آخر تحديث

زلّة لسان أم رسالة مبطنة؟

8
10
9

حرب بيانات «اندلعت» بعد التصريح المدوّي للمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي حذّر فيه من «حمام دم» مقبل في أمريكا في حال عدم فوزه في الانتخابات المنتظرة في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم. استخدم ترامب هذا التعبير في خطاب ألقاه في 16 مارس/آذار الجاري، أثناء حملته الانتخابية في مدينة فانداليا في ولاية أوهايو، رسم فيه صورةً قاتمةً للبلاد في حالة فوز منافسه جو بايدن بولاية ثانية.

حرب البيانات هذه تعكس شدّة الاستقطاب السياسي في أمريكا الحالية، فالديمقراطيون وجدوا في قول ترامب نيّة مبيّتة لدفع البلاد نحو موجة عنف أشدّ من تلك التي جرت في السادس من يناير/كانون الثاني عام 2021 حين اقتحم أنصاره مبنى «الكونغرس» الأمريكي، بزعم حصول عمليات تزوير في الانتخابات التي خسرها لصالح منافسه بايدن، وسعياً لعدم تثبيت نتائج هذه الانتخابات رسمياً، ويومها تمّ توجيه الاتهام إلى أكثر من 1350 شخصاً بالضلوع في الاعتداءات على «الكابيتول»، وصدرت أحكام بالسجن بحق نحو 500 منهم.

رداً على ما قاله ترامب حول «حمام الدم» المنتظر، أوضح فريق حملة الرئيس بايدن: «هذا هو ترامب: الخاسر الذي هُزم بأكثر من 7 ملايين صوت، ثم بدلاً من جذب جمهور أوسع، يضاعف تهديداته بالعنف السياسي»، أما الرئيس بايدن نفسه، منافس ترامب في الانتخابات، فقد قال على منصة «إكس»: «من الواضح أن هذا الرجل يريد تكرار أحداث السادس من يناير».

بدورها ردّت حملة ترامب على هجوم بايدن وفريقه عليه بالقول: إن عبارة «حمام الدم» التي قالها ترامب أتت في سياق حديثه عن صناعة السيارات والتعريفات الجمركية، إذا تمّ انتخابه، ولم تتضمن تهديداً شاملاً بممارسة العنف كما يزعم الديمقراطيون.

يمكن أن تنطوي توضيحات فريق ترامب على وجاهة ما، وأن الأمر قد لا يتعدى حدود زلات اللسان غير المقصودة، التي يقع فيها عدّة زعماء أثناء تصريحاتهم المرتجلة، وأكثر الزعماء وقوعاً في هذه الزلات هو الرئيس بايدن نفسه، الذي أصبح موضوعاً للتندّر على وسائل التواصل وأجهزة الإعلام بسببها.

لكن هناك مقاربات من منظور علم النفس لزلّات اللسان، كان عالم النفس الشهير فرويد من أوائل من تناولها، ليخلص إلى استنتاج مهم، فحواه أن الكلمات هي ما يخطئ به الناس قبل أن يصبح خطأهم فعلاً، وبذا يمكن النظر إليها بوصفها تعبيراً عن التفكير العفوي لدى الإنسان، وعما ينطوي عليه مونولوجه الداخلي من تصورات قبل أن تصبح واقعاً.

لا نجزم، لكن لا نستبعد، أن ترامب أوصل، حتى من حيث لم يرد، تهديداً مبطناً فحواه: سأريكم ما أرى.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد