: آخر تحديث

قراءة الشفاه

11
12
13

مشهد وصفته في كتابي «يوميات التلصص» عاينته في مقهى يتكون من قسمين، داخلي وخارجي، يفصل بينهما حاجز زجاجي شفّاف، وإذا كان بوسع الأذن أن تلتقط مفردات مما يتحدث به من يصادف وجودهم معك في أحد القسمين، فإن الحاجز الزجاجي بين القسمين يحول دون سماع أصوات من يجلسون في القسم الثاني، حتى لو صادف أنك جلست ملاصقاً للحاجز الزجاجي، وعلى الطرف الثاني من الزجاج جلس آخرون. إنك ستراهم، لكنك لن تسمع ما يقولون. ومن باب الفضول سعيتُ، يومها، لتخمين ما يتحدثون حوله بمراقبة تعابير وجوههم وحركة شفاههم وهي تخرج الكلام.

من حيث لا أعلم كنتُ أقوم بما يصفونه في العلم بقراءة الشفاه، التي توصف بأنها «وسيلة تواصل بصرِيَة، تعتمد على مشاهدة فم المُتحدث، خصوصاً شفتيه»، لفهم ما ينطق به من كلمات. وبمراقبة حركة الشفاه التي غالباً ما تكون مرئية في الاتصال وجهاً لوجه، يتمّ التعرف البصري الى الحروف والكلمات والجمل المنطوقة، ويجري تشبيه قراءة الشفاه بطريقة اكتساب وتعلّم القراءة، ففي هذه الأخيرة «نقوم بالتعرف الى رموز مرسومة تسمى حروفاً، ثم نقوم بتخزينها في الذاكرة، ونستدعي تلك الحروف عندما نشاهدها ونريد قراءتها».

اتضح أن «قراءة الشفاه» باتت وسيلة تحقيق، يجري اللجوء إليها وقت الحاجة. هذا ما طالعتنا به الأنباء مؤخراً، حيث نقلت وكالة «فرانس برس» عن رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم (الليغا) أن الرابطة استدعت خبيراً في قراءة الشفاه، للتحقيق في إهانات مزعومة وجهّها الإنجليزي جود بيلينغهام نجم «ريال مدريد» إلى مواطنه لاعب وسط «خيتافي» مايسون غرينوود، بعد أن تقدّم الأخير بشكوى إلى مدير مباريات الدوري، كما هو معتاد في مثل هذه الحالات، فكان أن طلبت الرابطة خبيراً في قراءة الشفاه للتصرّف بحسب الإثباتات.

ينقل المتابعون أن لاعب الوسط الهجومي بيلينغهام (20 عاماً) نال الكثير من ثناء المعلقين الرياضيين ومحبي الكرة على أدائه الذي وصف بالرائع بعد انتقاله من «بوروسيا دورتموند» الألماني، ولكن ما أفسد ذلك، وبحسب مشاهد نشرتها وسائل الإعلام الإسبانية، ظهوره وهو يصف غرينوود ب «المغتصب» خلال المباراة التي فاز فيها «ريال مدريد» على أرض فريق هذا الأخير، ويبدو أن ثمة أساساً لـ«الشتيمة» التي وجهها بيلينغهام إلى الغريم غرينوود البالغ من العمر 22 عاماً، حيث جرى إيقافه عن اللعب عام 2022 من قبل رابطة الدوري الإنجليزي، على خلفية اتهامات بالاغتصاب، قبل أن تسقط عنه التُهم منذ نحو عام.

أسقطت التُهم، لكن ليس بالوسع نسيان أنها وجهت إليه يوماً، وهذا ما قد تؤكده شفتا بيلينغهام بعد استنطاقهما.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد