: آخر تحديث

دور الثقافة في التنمية

27
34
37
مواضيع ذات صلة

هل تتّسع صدور المثقفين العرب لهذا السؤال؟ ما هي الأدوار الإيجابية التي يلعبونها في حلبات تنمية البلدان العربية؟ بعبارة أخرى: ما هي القضايا التنموية التي تشغلهم ويعكفون على إثرائها بالأفكار والحلول؟

 عشّ دبابير بهذا الحجم يحتاج يقيناً إلى خصلة منتقاة من شعرات معاوية، حتى إذا همّت شعرة بالانقطاع تضافرت معها شعرة أخرى.
بداهة، لن يجرؤ المثقف على نفي الأدوار المتعددة التي على المثقفين أن يلعبوها في دعم التنمية الشاملة. لا يمكن تصوّر هذه النخب المنتجة للأفكار والإبداع، وهي خارج المسيرة التنموية. هذا لا يعني الخضوع لإملاءات نظريّة الالتزام على غرار حقبة القمع الثقافي في عهد ستالين، أو الفهم والتطبيق الرديئين لنظرية «الفن للفن». لا بدّ من المنطلق الثقافي السليم: هل ينبغي لصفوة الفكر والإبداع أن تكون غير مكترثة لجوانب النموّ ومدى محو الأمّية، وجودة التعليم والاستثمار في البحث العلمي، والصحة والبنى التحتية والتغذية وجدّيّة الإنتاج الفني، فضلاً عن إرادة الطموح إلى مكانة عالمية؟
لا حرج على تحويلة استطرادية وجيزة، وهي ضرورة الفصل بين الواقع الثقافي كقيم إبداعية صلبة، وبين المهرجانيات الثقافية، أي الاحتفاليات الآنية كمواسم لها مواعيد. في العالم العربي تختلط هذه الأمور المتباينة، كما أن الجوائز الممنوحة في تلك المناسبات لا تدل بالضرورة على قيمة الأعمال. الأمر شبيه بانتخاب ملكة جمال العالم، فالمشارِكات لسن قطعاً أجمل بنات حواء في بلدانهن، ولا الفائزة النهائية بالتاج أجمل امرأة في العالم. مهرجان الموسيقى العربية مثلاً، لا يمثل أرقى ما يمكن أن يكون عليه الإبداع العربي الموسيقي. أعمال موسيقية كثيرة تحظى بانتشار واسع، لكن قيمتها الفنيّة ضئيلة. هبوط الكثير من الإنتاج في الموسيقى والسينما والمسلسلات العربية لا يحتاج إلى دليل، ولا نظلم الاستثناءات بالتعميم.
معضلة المعضلات هي أن تلك القيعان الهابطة حربة ذات حدّين، فهي تثبيط للعزائم التنموية لكونها تحرمها طاقات خلاّقة دافعة، كما أنها تُوهم الرأي العام، داخلاً وخارجاً، بأن تلك الفئات إنما هي النخب الثقافية والإبداعية الحقيقية، فيقال سخرية: هنيئاً للشعوب فنونها، فكما تكن أذواقها ومستواها الثقافي، يكن مثقفوها ومبدعوها.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفندقية: على أهل الفكر والإبداع أن يحرسوا الثقافة من أن تمسي «وكالة بلا بوّاب».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد